السؤال
أسعد الله أوقاتكم بكل خير. أنا وَلَدت في نهاية شهر رمضان، وبعد الولادة بشهرين ركبت شريحة منع الحمل، وكنت وقتها أرضع، ولم تنزل عليَّ الدورة الشهرية، وعندما أتم ولدي ثمانية أشهر توقفت عن الرضاعة الطبيعية؟ وعندما توقفت عنها صارت الدورة تختلف عندي، فلا أدري ما صحة الصلاة والطهارة وقتها؟
في البداية كانت تنزل نقط فقط لمدة يوم، والشهر الذي بعده في نفس وقتها تنزل نقط خفيفة لمدة يوم أو يومين، وكنت أصلي وقتها. ثم المرة الثالثة في نفس وقت الدورة نزلت متواصلة لمدة زادت عن أسبوعين. خلال الـ ١٥ الأولى كنت لا أصلي على كلام الدكتورة، وبعد الـ ١٥ يوما بدأت أصلي، وصرفت لي حبوبا توقفها، ثم توقفت، لكن في هذه المرة نزلت كدرة بنية في نفس وقتها، ولمدة خمسة أيام، لكن كنت أصلي؛ لأني لم أر الدم الصريح، وعند انقطاعها اغتسلت. وبعد أربعة أيام رجعت دما غامقا وكدرة، لكنه متقطع؛ لذا كنت أصلي. والآن أكملت أسبوعا على هذه الحال، وأنا لا أعلم هل أنا على صواب في أني أصلي أم لا؟ والشهر القادم رمضان سيكون الوضع أصعب من ناحية الصيام. فما القاعدة التي أتبعها في الطهارة والصلاة والصيام في مثل هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤلك نقاطا نجمل الجواب عنها فيما يلي:
أولا: نزول الدم على شكل نقاط مختلف فيه بين أهل العلم هل يعتبر حيضا أو لا؟ و مذهب الجمهور وهو المفتى به لدينا أن ذلك لا يعتبر حيضا، ما لم يستمر يوما وليلة. أما لو نزل ساعات، أو يوما فقط، وانقطع؛ فلا يعتبر حيضا.
وبالتالي؛ فإنه لا يمنع الصلاة، ولا غيرها. وأما لو استمر نزول تلك النقاط يوما وليلة فأكثر؛ فإنها تعتبر حيضا، وتمنع الصلاة وغيرها، حتى تنقطع، وترى المرأة علامة الطهر بنزول القصة، أو الجفوف التام للمحل، أو تتجاوز أكثر الحيض.
ثانيا: لو نزل الدم في وقت إمكان الحيض؛ فيعتبر حيضا، وتجلس له المرأة عن الصلاة وغيرها، ما لم يجاوز مجموع أيامه خمسة عشر يوما، فإن جاوزها فما زاد على الخمسة عشر فهو استحاضة. وبهذا يتبين لك أن جلوسك للدم خلال الأسبوعين كان صحيحا.
ثالثا: إذا نزل الدم قبل موعده، فإنه كذلك يعتبر حيضا إذا كان قد مضى على انقطاع الحيضة السابقة أقل الطهر بين الحيضتين، وهو خمسة عشر يوما عند الجمهور، أو ثلاثة عشر يومًا عند الحنابلة.
رابعا: الكدرة والصفرة في زمن الحيض تعتبران حيضا، وفي زمن الطهر لا تعتبران حيضا. وبالتالي فلو رأيت علامة الطهر بعد انقطاع دم الحيض، واغتسلت، ثم رأيت صفرة، أو كدرة؛ فلا تجلسي لها؛ لأنها لا تعتبر حيضا حينئذ؛ لما رواه أبو داود عن أم عطية -رضي الله عنها- أنها قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا.
وعلى هذا؛ فقولك "لكن في هذه المرة نزلت كدرة بنية في نفس وقتها، ولمدة خمسة أيام، لكن كنت أصلي؛ لأني لم أر الدم الصريح." غير صواب، والصواب أن تجلسي لتلك الكدرة التي نزلت زمن الحيض؛ لأنها تعتبر حيضا، فلا تصلي، ولا تصومي حال نزولها حينئذ، ولا يلزم انتظار الدم الصريح. فحديث أم عطية السابق يدل بمنطوقه على أن الكدرة والصفرة في زمن الطهر ليستا حيضا، ويدل بمفهومه على أنهما في زمن الحيض حيض، كما عليه الجمهور.
قال ابن قدامة في المغني: والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض يعني إذا رأت في أيام عادتها صفرة أو كدرة فهو حيض، وإن رأته بعد أيام حيضها لم يعتد به. نص عليه أحمد، وبه قال يحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وإسحاق. انتهى
وللفائدة انظري الفتويين: 437011، 100680.
وإذا أشكل عليك شيء في أمر دينك مما يتعلق بهذا الأمر أو غيره، فاسألي أحد أهل العلم مباشرة؛ ليفصل لك، ويستفصل منك عما يحتاج إلى استفصال دون الحاجة إلى فرض احتمالات قد تطيل الفتوى وتشعبها.
والله أعلم.