السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ 11 سنة، وزوجي يشك كثيرًا، ويقذفني كثيرًا بشكوكه، وأرسل لي ورقة الطلاق من المحكمة أول مرة منذ سبع سنوات، وأرجعني، وثانية العام الماضي، ثم أرجعني، وبعد شهرين أرجعني لبيت أهلي، وطلّقني أمام المحكّم، علمًا أنه أرجعني ليستفزني، ويجد حجة للطلاق، فهل كانت تلك الفترة عندما رجعت حلالًا أم حرامًا؟ وهل إرجاعه لي بعد الطلاق الثالث محرّم عليه، وهذا إذ أراد إرجاعي مرة أخرى؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسؤالك غير واضح لنا؛ والذي فهمناه منه أنّ زوجك طلّقك ثلاث تطليقات متفرّقات، وأنّه حين أرجعك بعد الطلقة الثانية، أراد بذلك استفزازك، ولم يكن يريد الإصلاح؛ وأنت تسألين عن حكم رجعته لك في هذه الحال؟ وهل تصح رجعته لك بعد الطلاق الثالث؟
فإن كان ما فهمناه صحيحًا؛ فالجواب أن مراجعته لك بعد الطلاق الثاني كان لغرض استفزازك، وليس بغرض الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف؛ هذه المراجعة من حيث الصحة صحيحة، لكن كون ذلك بقصد استفزازك فقط يعتبر تعديا لحدود الله وظلما لك، لما فيه من قصد الإضرار بك، والمخالفة لأمر الله تعالى حيث يقول: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة:229}.
جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ونظير هذا قوله سبحانه: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحًا} [البقرة:228] ؛ لأن الطلاق غالبًا إنما يكون عن شر، فإذا ارتجعها مريدًا للشر بها؛ لم يجز ذلك، بل يكون تسريحها هو الواجب. انتهى.
وأما مراجعته لك بعد الطلاق الثالث فلا تصح، لأنّ الطلاق الثالث حصلت به البينونة الكبرى؛ فلا يملك رجعتك بعده؛ إلا إذا تزوّجت زوجًا غيره -زواج رغبة، لا زواج تحليل-، ثم يفارقك الزوج الجديد -بطلاق، أو موت-، وتنقضي عدتك منه.
وإن كان المقصود بالسؤال خلاف ما فهمناه؛ فنرجو بيانه حتى نجيبك عنه -بإذن الله-.
والله أعلم.