السؤال
أشكركم بداية على مجهوداتكم القيمة. جزاكم الله كل خير.
سبق لكم وأن بينتم في إحدى الفتاوى أو الإجابات سابقا أنه لا يجوز استعمال النسخ غير الأصلية -المجانية- من برامج الحاسوب المدفوعة.
في السابق، قبل سنوات، لم أكن أعلم بهذا الأمر، وكنت أستعمل برنامج مونتاج -وهو مدفوع الثمن- بشكل مجاني، ظنا مني أن البرنامج مجاني. حيث كنت فقط أتبع الخطوات المشروحة على اليوتيوب لكيفية تحميل وتفعيل البرنامج.
بعد ذلك كنت قد علمت أن البرنامج مدفوع الثمن، لكنني استمررت في استعماله، ولم أكن على دراية بعدم جواز هذا الفعل شرعاً، وقد استعملته في إنتاج فيديوهاتي على اليوتيوب، وتحقيق المال منها.
بعدما عرفت بالأمر أصابني شك في تلك الأموال التي حصلت عليها من اليوتيوب. هل هي حلال أم حرام؟
فأقول: إن كانت حراما. ماذا علي أن أفعل، خصوصا أن ثمن البرنامج باهظ بالنسبة لي، ولا أستطيع أن أدفع ثمنه كي أعوض عما فات.
ما حكم هذه الأموال التي حصلت عليها عبر فيديوهاتي على اليوتيوب؟ وكيف أتصرف إن كان الأمر حراما. هل أراسلهم وأخبرهم بالأمر: أي أطلب منهم السماح؛ كي أزيل الوزر عني.
وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبرامج المحمية، لا يجوز الاعتداء عليها، ومجاوزة حقوق أصحابها، ولا سيما في الأمور التجارية.
ومن فعل ذلك ظانا أنها مجانية، ثم تبين له خلاف ذلك، فهذا قد يسقط عنه إثم الاعتداء، لكنه لا يسقط عنه ضمان ما فوته على مالكها.
فقد أفتت المجامع الفقهية باعتبار حق أصحاب تلك البرامج ونحوها، وحرمة تجاوزه، وجعلت لأصحابه حقًّا ماليًا فيه.
فحقوق الابتكار والاختراع، والتأليف ونحوها، محفوظة في الشريعة لأهلها، على ما تقتضيه مقاصد الشريعة من تحقيق المصالح ودرء المفاسد، وحفظ الحقوق... وغير ذلك من الأدلة التي بيناها من قبل، والتي يمكن أن تراجع فيها فتوانا: 6080
وأما المال المكتسب من الإعلانات من خلال تلك الفيديوهات. فلا حرج عليك في الانتفاع به، مع ضمان حق أصحاب البرنامج المعتدى عليه، ولزوم دفعه إليهم.
ولا يلزم شراء النسخة الأصلية، أو ضمان قيمتها كاملة بسبب استخدام النسخة غير الأصلية والانتفاع بها في إنتاج تلك الفيديوهات ونحوها. وإنما يلزم المعتدي قيمة ما فوته على مالكها من المنافع، وما لحق به من ضرر.
يقدر ذلك أصحاب الخبرة، أو يجتهد المرء في تقدير ما يغلب على ظنه براءة ذمته به، إن لم يستطع معرفة مقدار ما يلزمه دفعه. وإن لم يستطع إيصال ذلك الحق إلى الشركة صاحبة البرنامج، فيسعه أن يتصدق به عن أصحابه للفقراء والمساكين، كما في الفتوى: 174593.
وعليك الكف عن استخدام تلك البرامج فيما يستقبل.
والله أعلم.