السؤال
أنا متزوجة، تكلمت مع شخص زميلي في العمل لمدة سنة، اكتشف زوجي أني تكلمت مع هذا الشخص، طلبت منه أن يستر عليَّ، وأنا نادمة جدًّا على هذا الشيء. أكثر من مرة حاولت أقتل نفسي، وأمُرُّ بحالة نفسية صعبة. زوجي سوف يتزوج؛ لأنه لا يوجد لدينا أطفال، وسوف يطلقني. أنا تبت لرب العالمين، وأطلب منه أن يسامحني. أنا أصلي، ولا أدري كيف وقعت في هذا الغلط. أنا كنت أعمل، وراتبي كنت أشتري به ذهباً لي، ونصرف منه على البيت. زوجي يريد الطلاق، لكن الذهب الذي اشتريته من تعبي أخذه، وهو رافض أن يعطيني إياه، ويقول لي: ما يحق لك شيء عندي؛ لأنك خنتني.
سؤالي: الذهب الذي هو من تعبي، هل يحق له أخذه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن قتل الإنسان نفسه محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، وجاء فيها الوعيد الشديد، ففي الحديث المتفق عليه: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. متفق عليه.
وفي الصحيحين أيضا مرفوعا: مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وفي الحديث الآخر: كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ اللَّهُ: بَدَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ. رواه البخاري.
فاتقي الله، واحذري أن تعيدي محاولة الانتحار مرة أخرى، فإنك لو مُت في تلك المحاولات لما استرحت، بل انتقلتِ إلى عذاب الله تعالى وسخطه.
وأما عن علاقتك بزميل العمل، وما ترتب عليها؛ فما دمت قد تبت إلى الله تعالى؛ فإن التوبة تمحو ما كان قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله تعالى يقبل التوبة، كما قال -عز وجل-: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104}، وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {سورة الشورى:25}.
ونهى الله سبحانه وتعالى عبادَه عن القنوط من رحمته ومغفرته، فقال -عز وجل-: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {سورة الزمر:35}، فلا تقنطي من رحمة الله، وأبشري بتوبته.
وأما زوجك؛ فإنه ينبغي له أن يسترك، ولا يكشف أمرك، ومن ستر مسلما ستره الله تعالى.
وفي كل الأحوال؛ سواء وقع طلاق، أم لم يقع؛ فإنه ليس له حق في شيء مما تملكينه من الذهب، أو النقود، أو غيرهما، وما وقعت فيه من الذنب ليس مبررا في أن يأخذ مالك، وفي الحديث: أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. رواه أحمد في المسند.
وانظري المزيد في الفتوى: 124796. وفيها بيان أن خيانة المرأة لزوجها لا يبرر استيلاءه على مالها.
والله أعلم.