السؤال
أنا متزوج الآن منذ أكثر من سنة، ورزقت بابنة مند شهرين تقريبا. زوجتي تعمل خارج المدينة التي أقطن فيها، كأستاذة تعليم ثانوي تأهيلي، منذ سنتين. منهما سنة قبل الزواج. في بداية الزواج لم أناقش معها مسألة احتمالية ترك العمل، والتفرغ للبيت.
الآن لدينا ابنة، فقلت لزوجتي أن تترك العمل، وتتفرغ لابنتنا. مع العلم الحمد لله، أننا نستطيع العيش الكريم والمحترم بدخلي الشهري.
رفضت أن تترك العمل بحجة مساعدة عائلتها، مع العلم أن عائلتها ليست بالفقيرة، ولا بالغنية: عندها عدة إخوة متزوجون، يعملون، ويرسلون المال لعائلتها.
حاولت إقناعها لكن دون جدوى، خيرتها الآن إما أن تترك العمل، أو سأطلقها. هل ما قمت به فيه معصية؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك لم تشترط عليك في عقد الزواج أن تخرج للعمل؛ فمن حقّك منعها من الخروج للعمل، ما دمت قائما بالإنفاق عليها بالمعروف.
وأمّا رغبتها في إعانة أهلها بالمال؛ فليس عذرا في الخروج للعمل دون رضاك.
وحتى لو كانت اشترطت عليك في العقد أن تخرج للعمل؛ فوفاؤك بهذا الشرط؛ مقيد بكون العمل لا يضر بمصلحة الأسرة.
فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي حول الاختلافات الزوجية، في ما يخص اشتراط العمل:
1ـ يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت. فإن رضي الزوج بذلك، ألزم به، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة.
2ـ يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به، إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد. انتهى.
وعليه؛ فما فعلته من أمر زوجتك بالبقاء في البيت من أجل رعاية البنت، وتخييرها بين ذلك وبين الطلاق إذا أصرت على الخروج للعمل؛ ليس فيه معصية.
لكن لا نرى لك أن تطلقها، أو تهددها بالطلاق؛ وينبغي أن يحصل بينكما التفاهم بالحسنى.
وإذا كان عملها ليس فيه مفسدة من حيث الشرع، أو من حيث مصلحة البيت؛ فلا مانع من إذنك لها بالبقاء في العمل.
وأمّا إذا كان في عملها مفسدة؛ فبين لها ذلك، وَوَسِّط من يكلمها من الأقارب، أو غيرهم ممن تقبل قولهم.
وعلى أية حال؛ فلا ينبغي أن تلجأ إلى الطلاق، إلا في حال تعذر كل سبيل للإصلاح والتفاهم.
فالطلاق في الأصل مُبْغَض شرعا، فإذا استطاع الزوجان الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق، وانظر الفتوى: 94320.
والله أعلم.