السؤال
يا شيخ عندي عدة أسئلة وهي: الآن لو فرض صلت المرأة في المسجد مع الرجال ولم يكن لها حجرة خاصة مصلى للنساء يعني، أين تصف هل خلف الرجل أو في صفهم أو في آخر الصف لوحدها على اليمين أو في الوسط وهل يطبق عليها عدم جواز صلاة المنفرد، وأيضاً ما هو دليل وضع المصلى منفصلاً عن النساء مع أن النبي قال شر صفوف النساء أولها وخير صفوفهن آخرها أو كما قال، وهذا دليل على تسوية الصف، فلماذا نضيق ونبني ما لم ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكما في حديث قرآته أن أم حبيبة وكذا أم سلمة رضي الله عنهما لما كانتا في الحبشة ورأتا كنيسة فقالتا للنبي ذلك، فقال: أولئك إذا مات... ثم قال بنوا عليه المسجد، فلماذا سمى المسجد كنيسة مع أنهم لا يسجدون هل هناك جواب على ذلك، أخيراً هل يجوز أن يدفن الرجل الأجنبي مع المرأة الأجنبية للحاجة مثلاً وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المرأة إذا صلت مع الرجال جماعة في مسجد لا يوجد فيه مكان مخصص للنساء أو في غير مسجد فإنها تصف خلفهم وحدها والدليل على ذلك ما رواه مسلم من حديث أنس: ... وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من خلفنا.
قال النووي: وفيه أن المرأة تقف خلف الرجال وأنها إذا لم يكن معها امرأة أخرى تقف وحدها متأخرة.
وليس في هذا تعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. رواه مسلم.
قال النووي: أما صفوف الرجال فهي على العموم فخيرها أولها أبدا.... وأما صفوف النساء فالمراد بالحديث اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها.
وتسوية الصف مطلوبة في الصلاة من الرجال والنساء كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين بقوله: سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة.
وليس المقصود أن يصف الرجال والنساء في صف واحد، وليس في هذا تضييق وإنما هو للمحافظة على الصلاة وإتمام خشوعها حتى لا يختلط الرجال بالنساء فيشوش ذلك عليهم ويقل خشوعهم، وكذلك بناء مصلى خاص بالنساء ليتميزن فيه ويبتعدن عن صفوف الرجال فإنه من هذا القبيل، فهو أدعى للخشوع وتفرغ القلب للصلاة من الطرفين، وأما حديث عائشة عن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهن فهو لتحذير المسلمين من أن يقعوا في الشرك والبدع التي وقع فيها من كان قبلهم فأفسدت عليهم دينهم.
وسميت الكنائس وقبور الأنبياء والصالحين مساجد لأنها أماكن عبادة، فكما أن المسجد مكان مخصص فكذلك هذه الأماكن، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك.
ثم إن اليهود والنصارى إذا لم يكونوا يسجدون اليوم في صلاتهم فإن ذلك لا يمنع أنهم كانوا يسجدون في تلك الفترة أو قبل ذلك، فلا شك أنهم بدلوا في دينهم وغيروا، ولازالوا يفعلون ذلك كما هو مشاهد ومعروف إلى اليوم، وأما دفن الرجل والمرأة أو امرأتين أو رجلين في قبر واحد فلا يجوز إلا لضرورة، أما إذا كانت هناك ضرورة تدعو لدفن أكثر من واحد في قبر واحد فلا مانع من ذلك شرعاً سواء كان المدفون رجلا وامرأة أجنبيين أو غير ذلك، فقد روى عبد الرزاق عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه: أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه. قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن.. وكأنه كان يجعل بينهما حائلا من تراب ولا سيما إذا كانا أجنبيين، وللمزيد من الفائدة عن هذه المواضيع نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9605، 15440، 38928، 4527، 16944.
والله أعلم.