السؤال
جزاكم الله عنا خيرا، ورفع الله قدركم جميعا في الدنيا والآخرة.
السؤال عن (اليقين في الله)
عرف العلماء اليقين بأنه -كما قال ابن سعدي- "اليقين: هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل" انتهى من "تفسير السعدي" ص(40).
وقال بعضهم: "ظهور الشيء للقلب بحيث يصير نسبته إليه، كنسبة المرئي إلى العين، فلا يبقى معه شك ولا ريب أصلا. وهذا نهاية الإيمان، وهو مقام الإحسان" ينظر "مدارج السالكين"(2/399)
السؤال هو: كيف يجمع العبد بين اليقين الذي يقتضي عدم وجود الشك أصلا، وبين حكمة الله البالغة التي لا يعلمها إلا هو سبحانه؟
وسوف أوضح لحضراتكم الأمر بمثال، حتى يكون الأمر واضحا وجليا إن شاء الله.
وهو: عندما يتداوى المريض بالقرآن، فإن من أسباب الشفاء أن يكون المريض على يقين تام بأن الله -عز وجل- سيشفيه. وأيضا في نفس الوقت يكون المريض عنده شك، وإن كان هذا الشك يسيرا، أن الله -عز وجل- من الممكن ألا يشفيه؛ لحكمة بالغة في مصلحة العبد لا يعلمها إلا هو -سبحانه- فكيف نجمع بين اليقين التام في أن الله سيشفي المريض، وبين وجود ذرة شك أن الله -عز وجل- من الممكن أن لا يشفي المريض، لحكمة بالغة لا يعلمها إلا هو. فكيف يحقق المريض اليقين إذن؟
وهناك مثال آخر حتى يتضح الأمر أكثر، وهو: لو أن رجلا مخلصا، وعنده يقين تام بالله، أنه سوف يوفقه للذهاب للحج قبل موته، وفي نفس الوقت بداخله شك وإن كان يسيرا أن الله -عز وجل- من الممكن أن يمنع عنه الحج؛ لحكمة بالغة، لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
فكيف في هذه الحالة يحقق العبد اليقين؛ لأنه كما قلنا: فاليقين هو العلم التام الذي لا يوجد فيه أدنى شك؟
وجزاكم الله خيرا.
أتمنى أن يكون السؤال واضحا.
أنا لا أتوجه بمثل هذه الأسئلة إلا للعلماء الأفاضل مثل حضراتكم؛ لأنني أحب موقعكم، وأرى فيه علما غزيرا -تبارك الله- وأسأل الله أن يجزيكم كلكم خيرا، وأن يجعل عملكم في ميزان حسناتكم يوم لقائه.
ولا تنسوني من صالح دعائكم.