السؤال
زوجان يعيشان في الغربة في بلد غير مسلم، اشتريا أرضا وبنيا عليها بيتا؛ ليعيشا فيه مع أولادهما.
الزوجة ساهمت بالشراء بعد أن باعت بيتين تملكهما في بلدها الأصلي، وبعض ذهبها. ولكن الزوج دفع الجزء الأكبر، وهو الذي بنى البيت وطوَّر الأرض إلى مزرعة. ومع ذلك سجل المزرعة باسم الزوجين. ثم طلق الزوج زوجته.
الآن، الزوجة تطالب بنصف المزرعة؛ لأنها مكتوبة باسم الزوجين معا، بالإضافة إلى إعادة ثمن بيتيها اللذين باعتهما في بلدها الأصلي، وثمن الذهب ومهرها. وهذا ما يساوي أكثر من ثلاثة أرباع ثمن المزرعة.
هل يحق لها هذا؟ أم إن حصتها من المزرعة -وهي النصف- تتضمن ثمن بيتيها وذهبها؟
أرجو تبيان حق الزوجة الشرعي في هذه الحالة.
وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الزوجة قد ساهمت في شراء الأرض؛ لكونها شريكة فيها، ولم تقصد أن تكون هبة منها لزوجها حين ذاك، وأن الزوج بنى على هذه الأرض المشتركة بيتاً بإذن زوجته، أو بعلمها.
فإن كان ذلك كذلك، فالزوج يستحق قيمة البيت قائماً، فتقوّم الأرض أوّلًا دون البيت، ثم تقوّم مع البيت، ليعلم ما زاده البيت في قيمة الأرض فيختص به الزوج -الذي بناه-، ثمّ يقسم باقي الثمن بين الزوجين، بقدر نصيبهما المستحَقّ، فإن كانت الزوجة شاركت في نصف ثمن الأرض، فلها نصف قيمتها الآن، وللزوج النصف الآخر، وهكذا.
جاء في الزيادات والنوادر لابن أبي زيد القيرواني -رحمه الله تعالى-: قال ابن حبيب في كتاب الصدقات: قال مطرف، وابن الماجشون: قال مالك: وكل من بنى في أرض قوم، أو غرس بإذنهم، أو علمهم، فلم يمنعوه، فله قيمة ذلك قائمًا، كالباني بشبهة.
وإن بنى بغير إذنهم، ولا علمهم، فإنما له قيمة ذلك منقوضًا.
وكذلك من تكارى أرضًا، أو منحها إلى أجل، أو إلى غير أجل، ثم بنى فيها بإذنهم، أو بعلمهم، ولم يستأذنهم، فلم ينهوه، ولا منعوه، فإن له قيمة بنيانه قائمًا إن أرادوا إخراجه، وكذلك من بنى في أرض بينه وبين شركائه بإذنهم، أو بعلمهم، فله قيمة عمله قائمًا.
وكذلك من بنى في أرض امرأته بإذنها، أو بعلمها، ولم تنكر. اهـ.
وليس للزوجة أن تطالب الزوج بثمن البيتين اللذين شاركت بثمنهما في شراء الأرض، ولا أن تطالبه بالذهب الذي باعته لذلك.
وأما المهر فإن كان الزوج قد سلمه لها، ثم شاركت هي به في شراء الأرض، فليس لها شيء، كما سبق في البيتين والذهب.
وأما إن كان المقصود أنها تطالب الزوج بمهرها المؤخر، فلها الحق في ذلك؛ فإنها تستحق المهر كاملا المقدم والمؤخر.
وننبه إلى أن مسائل الخصومات لا تحسم الفتوى مادة النزاع فيها، وإنما يكون ذلك إما بالصلح والتراضي، وإما برفع الأمر إلى القضاء الشرعي -إن وجد- أو الجهة التي تمثله للفصل في ذلك.
والله أعلم.