السؤال
توفي الأب، ولديه أربعة ذكور متزوجون، وله بنتان غير متزوجتين، وأمهم على قيد الحياة، وترك لهم منزلاً كبيرًا، في بلدٍ عربي، وهم يعيشون جميعا في أوروبا، والجميع متفقون على بيع المنزل، والأم بدورها تسأل: هل لها أن تعطي بناتها حصتهم، مثل بقية الذكور من ذلك المنزل؟ ولها مبررات كثيرة لفعل ذلك؟ وهل يجوز ذلك؟ وإن كان هناك مانع شرعي، فكيف يكون توزيع الميراث على الذكور والإناث؟ وكم تكون حصة الأم؟ وهل يجوز أن تعطي تركتها للإناث فقط؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالبيت المذكور يقسم ثمنه بين الورثة، على ما جاء في القسمة الشرعية للميراث، وقد جعل الله تعالى نصيب الابن ضعف نصيب الأنثى، فقال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.
هذه هي وصية الله تعالى، والله الذي شرع هذا هو أعلم بأحوال العباد منهم، فليس هناك مبرر يبرر مخالفة شرعه، وليس لزوجة الميت، ولا لغيرها أن تجعل نصيب البنت مساويا لنصيب الابن.
وأما كيف يكون التوزيع: فمن توفي عن زوجةٍ، وأربعة أبناء، وابنتين، ولم يترك وارثا غيرهم -كأب، أو أم، أو جد، أو جدة-؛ فإن لزوجته الثمن -فرضا- لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}.
والباقي للأبناء، والبنات -تعصيبا- للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ{النساء:11}.
فيقسم المنزل الموروث على ثمانين سهما، لزوجة الميت ثمنها، عشرة أسهم، ولكل ابن أربعة عشر سهما، ولكل بنت سبعة أسهم، وهذه صورة مسألتهم:
جدول الفريضة الشرعية
الورثة |
أصل المسألة 8 × 10 |
80 |
زوجة |
1 |
10 |
4 أبناء
بنتان
|
7 |
56
14
|
وأما هل يجوز لزوجة الميت أن تهب تركتها للبنات، كما ذكرت؟ فإن كنت تعني بتركتها نصيبها من تركة زوجها، فقد بينا في فتاوى سابقة كثيرة أن الوالدين مطالبان شرعا بالعدل بين الأولاد -ذكورا، وإناثا- في العطية، وأنه لا يجوز تفضيل بعضهم على بعض على الراجح، مالم يكن هناك مسوغ معتبر.
وعلى ذلك فليس لزوجة الميت أن تهب نصيبها لبناتها دون أبنائها، إلا إذا وجد مسوغ معتبر؛ كغنى الأبناء، وفقر البنات مثلا. قال ابن قدامة في المغني: فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ لِمَعْنًى يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ، مِثْلَ اخْتِصَاصِهِ بِحَاجَةٍ، أَوْ زَمَانَةٍ، أَوْ عَمَى، أَوْ كَثْرَةِ عَائِلَةٍ، أَوْ اشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْفَضَائِلِ، أَوْ صَرَفَ عَطِيَّتَهُ عَنْ بَعْضِ وَلَدِهِ لِفِسْقِهِ، أَوْ بِدْعَتِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ يَسْتَعِينُ بِمَا يَأْخُذُهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَوْ يُنْفِقُهُ فِيهَا، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ. اهـ.
وإن كنت تعني بتركة الأم التي تريد هبتها لبناتها -ماتملكه من مال- بأن تهبه لهن في حياتها، أو توصي به لهن بعد مماتها، فكل هذا لا يجوز لها. لما بيناه من قبل في شأن التفضيل في الهبة بين الأبناء، وفي شأن الوصية للوارث، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه الترمذي والدارقطني
والله أعلم.