السؤال
عَنْ ثَوْبان -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي، يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ، أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا. قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَلا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا. رواه البيهقي وابن ماجه.
هل المقصود بمحارِم الله، كل المعاصي، أو معصية واحدة. يعني هل المقصود الذي يفعل كل المعاصي، أو حتى الذي يفعل معصية واحدة فقط؟
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى: 40236. أن معنى محارم الله: المحرمات التي حرمها الله -عز وجل- كبيرها وصغيرها.
وهذا الوصف "محارم الله" يصدق على المعاصي الكثيرة، وعلى المعاصي القليلة، فكلها محارم الله تعالى.
والحديث المذكور في السؤال لم يفصل هل الوعيد الوارد يكون في حق من فعل معصية واحدة، أم عدة معاصٍ، وكذا لم نقف على كلام لشراح الحديث في التفصيل بين المعاصي الكثيرة، والمعصية الواحدة.
ولعل الحكمة في عدم التفصيل؛ كي يبقى المؤمن على وَجَل من الذنوب والمعاصي عمومًا، ولا يستهين باليسير منها، فبعض الناس لديه استهانة بالصغائر، وعنده جرأة على ارتكاب أول مراتب الحرام، وتجده إذا أخبر عن أمر أنه محرم سأل هل هو شديد التحريم أم لا؟ وكم الإثم المترتب عليه؟ ونحو ذلك من الأسئلة المشعرة باستعداده للإقدام على فعل المعصية إن كانت صغيرة، أو كان الوعيد الوارد فيها ليس بالشديد حسب ظنه، فهذا على خطر عظيم.
ولا شك أنه لا يستوي المكثر من المعاصي، والمقل منها، ولا من يفعلها وهو متردد وخائف، ويبادر بالتوبة، ومن لا يبالي، ولا يتردد، ولا يتوب، فهؤلاء وأولئك لا يستوون.
والله أعلم.