السؤال
جدي شخص يحب الدين، ويحب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولكنه -للأسف الشديد- أُمِّيٌّ، ويتحدث عن أحاديث نبوية بالعامية، وأحيانا يقرأ القرآن بالعامية، ولا يجيد إلا تلاوة الفاتحة. والمشكلة أنه أحيانا يأتي بأمور محرمة، ويظن أنه على حق، ويرفض النصحية، ويعتقد أنه دائما على صواب.
على سبيل المثال: قال لي: إنه يجب عليَّ التخفيف من لحيتي، وأنا شاب، كي لا أجلب على نفسي الشبهات، ويتتبعني الحرس الوطني، والمصيبة أنه قال لي: إن تربية اللحية سنة، وليس بفرض، ويعلم الحديث حول إعفاء اللحية، لكنه لا يقر بفرضها، لأنه لا يعرف صيغة الأمر في اللغة، ولم يطلع على أقوال العلماء، أو يقرأ. وغير هذا الكثير، وأحيانا يذهب به الأمر إلى التخريف، ويذكر أحداث يوم القيامة باللغة العامية، ويقول كلامًا لا يليق بالله -عز وجل-، جهلًا منه، فماذا عليَّ فعله في حالتي هذه أيها الكرام؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن جَدِّك جملة من الصفات الطيبة التي تدل على حُبِّه للخير، والأولى الثناء عليه بهذا الجانب، ليكون ذلك مدخلا حسنا لتوجيهه فيما يتعلق بقراءة القرآن بالعامية، وذكر الأحاديث النبوية بالعامية، أو ما ذكرت من إتيانه بكلام لا يليق بالله -عز وجل-.
فابذل له النصح برفق ولين، ولا تعنف عليه، خاصة وأنه جَدٌّ، والجَدُّ والد.
جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل في أمر الوالدين بالمعروف، ونهيهما عن المنكر. قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يكلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، ليس الأب كالأجنبي. انتهى.
وإن وجدت أحدًا من الفضلاء، وكبار السن ليقوم بتوجيهه فهو أفضل، فقد يكون ذلك أدعى لأن يستجيب لكلامه.
ومن أراد أن يقرأ الحديث، فعليه أن يتعلم، ويجتهد في ذلك، ولا يقرؤه بالعامية، ولا بأس بأن يبين معناه بالعامية، وتراجع الفتوى: 325033.
والشأن أعظم فيما يتعلق بقراءة القرآن بالعامية، فمن أراد أن يقرأ القرآن عليه أن يجتهد أيضا في سبيل التعلم على يد من يحسن قراءته، وهو مأجور مرتين إن شق عليه، وتتعتع في قراءته، كما دل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران.
ولمزيد الفائدة يمكن مطالعة الفتوى: 108704.
والقول بأن اللحية سنة؛ إن كان المقصود بذلك أنها مستحبة يجوز تركها -مع أفضليته- ويجوز حلقها، قول غير سديد، بل الراجح أنه يجب تركها وافرة، وعدم حلقها، وقد أوردنا بعض النصوص الدالة على ذلك في الفتوى: 2711.
وأما تقصيرها: فقد رخَّص بعض العلماء في الأخذ منها، وتهذيبها إذا تطاير شعرها، وأخذ ما زاد على القبضة، كما هو مبين في الفتوى: 387730.
والأخذ من اللحية، أو حلقها عند وجود ضرر محقق، أو غالب، لا حرج فيه، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 64968.
والله أعلم.