السؤال
ما صليت صلاة العصر أمس، ولم أقضها، حتى بعد المغرب، ولم يكن عندي أي سبب للتأخير، وعرفت اليوم بأن من لا يصلي صلاة العصر تبطل أعماله كلها، وضميري يؤنبني على ذلك، وإن شاء الله لا يتكرر هذا الفعل في المستقبل، فهل هذا يعني بأن أعمالي الحسنة قد ضاعت؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون أو يتكاسل في أداء أي صلاة من الصلوات المكتوبات.
خصوصاً إذا كانت صلاة العصر التي خصها الله تعالى بالأمر بالمحافظة على أدائها، بعد أن أمر بالمحافظة على جميع الصلوات تشريفاً لها، واهتماماً بها، كما قال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238].
والعصر هي الصلاة الوسطى في القول الصحيح من أقوال العلماء. وورد من الترهيب في التكاسل والتهاون في أدائها ما لم يرد في غيرها، من ذلك ما في صحيح البخاري، من قوله صلى الله عليه وسلم: الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله.
أما حبوط العمل الصالح بسبب تركها الذي هو موضوع السؤال، فهو صريح قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري: من ترك صلاة العصر حبط عمله. واختلف العلماء في معنى هذا الحبوط، فذهب الإمام أحمد إلى أنه على ظاهره، واستدل بالحديث على كفر تارك الصلاة، وأما الجمهور القائلون بعدم كفر تارك الصلاة، فحملوا الحبوط على من تركها مستحلاً لتركها مستهزئا بها، أو على أن المراد به نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، وكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة، أي لا يحصل له أجر من صلى العصر، وهناك تأويلات أخرى للحديث المذكور ذكرها صاحب فتح الباري.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم، وتقضي هذه الصلاة، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.