السؤال
أنا أجتهد في عمل كل العبادات، وأحاول أن أجتنب أي معصية في حق الله، ولكن الشيء الوحيد الذي أخاف منه أحيانا، هو عدم طاعتي للوالدين بشكل كامل كما ينبغي. أنا أطيعهم في كل أمر، لكن أحيانا يطلبون أكثر من طلب في وقت قصير، وأنا أكسل، وأقول: لا، أو أفعل طلبهم، ولكن بعد مخاصمة، وبعض الوقت.
فهل علي إثم، وهل عدم طاعتي لهم في بعض الأحيان تعتبر من الكبائر؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على طاعة ربك، وبر والديك، فبر الوالدين من أفضل الأعمال التي يحبها الله، والصبر على ذلك من أعظم أسباب رضوان الله، ونيل معيته، وتوفيقه.
ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
ومن برّهما طاعتهما فيما يأمرانك به ما لم يكن عليك ضرر، أمّا المشقة المعتادة، فليست عذرا لعصيان الوالدين.
قال ابن تيمية –رحمه الله- : وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ .... وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.
وعليه؛ فالواجب عليك طاعة والديك في المعروف ما دمت تقدر على طاعتهما من غير ضرر، وما عجزت عنه، أو كان عليك فيه ضرر؛ فاعتذر منهما بأدب، ورفق؛ فحق الوالدين عظيم، والإساءة إليهما تدخل في العقوق، وهو من أكبر الكبائر، وراجع الفتوى: 299953
وإذا كنت بارا بوالديك مطيعا لهما في المعروف؛ ثم بدرت منك هفوة في حقهما؛ فهي في مظنة عفو الله تعالى، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا. {الإسراء: 25}
قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: وقوله (إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ) يقول: إن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعتم الله فيما أمركم به من البرّ بهم، والقيام بحقوقهم عليكم، بعد هفوة كانت منكم، أو زلة في واجب لهم عليكم مع القيام بما ألزمكم في غير ذلك من فرائضه، فإنه كان للأوّابين بعد الزَّلة، والتائبين بعد الهَفْوة غفورا لهم. انتهى.
والله أعلم.