السؤال
أنا شاب ظاهري الالتزام، ولدي تقصير. خطبت، وعقدت قراني على فتاة عن طريق والدتي، منذ شهرين، وطبعا الزواج سيكون بعد سنة من الآن.
والفتاة يعجبني جمالها، وهي عفيفة، وتصلي بشكل عام، لكنني بعد أن خطبتها اكتشفت أنها كانت تلبس بنطالا فضفاضا، وقبل سنتين كانت تضع القليل من المكياج، وثقافتها الدينية قليلة، ولديها أفكار مخالفة قليلا للإسلام، وهي الآن لا تلبس بنطالا مطلقاُ، ولا تضع مكياجا، وتسعى لتعلم أمور دينها. وعندما أتذكر حالها من قبل أشعر أنني غُبنت. مع كونها تسمع كلامي، وتحبني، وتسعى للأفضل من أجلي، فلو طلبت منها أن تسمع مقاطع دينية فقط من أجلي تفعل ذلك، ودائما ينتابني شعور كيف خطبت فتاة كانت تتساهل في دينها؟ ولماذا لم أخطب أفضل منها؟ فهناك الكثير أفضل منها، وأحاول دفع هذا الشعور، وأغلبه تارة، ويغلبني تارة، وأخاف أن ينغص علي حياتي. مع العلم أنني من بيئة يصعب الطلاق فيها. فهل يمكن أن أنسى مع الوقت أنها غير متدينة؟ وما هو الحل الأسمى؟
أرجو تقديم النصيحة لي.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على سلوك سبيل الاستقامة، واحرص على الصدق مع الله عز وجل والإخلاص له، وكذلك المحافظة على الفرائض، واجتناب الكبائر، والاجتهاد في اتقاء الصغائر -قدر الإمكان- فالتقصير من شأن الإنسان، روى أحمد، وابن ماجة عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقيموا، ولن تحصوا..... الحديث.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: يعني على الطريقة النهجة التي نهجت لكم، وسددوا، وقاربوا، فإنكم لن تطيقوا الإحاطة في أعمال البر كلها، ولا بد للمخلوقين من ملال، وتقصير في الأعمال، فإن قاربتم، ورفقتم بأنفسكم، كنتم أجدر أن تبلغوا ما يراد منكم... انتهى.
وما نوصيك به بشأن زوجتك أن تعتبر بحالها الآن، ولا تلتفت إلى ماضيها، فكما ذكرنا أن من شأن الإنسان التقصير، ولعل من المناسب أن نذكر هنا الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم.
وقد تضمن هذا الحديث أن الرب -عز وجل- وهو الخالق والمنعم، يعفو ويصفح، ولا يؤاخذ عباده بما مضى، بل يتوب على من تاب.
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: ومن أعظم أنواع الإحسان، والبر أن يحسن إلى من أساء، ويعفو عمن ظلم، ويغفر لمن أذنب، ويتوب على من تاب إليه، ويقبل عذر من اعتذر إليه، وقد ندب عباده إلى هذه الشيم الفاضلة، والأفعال الحميدة، وهو أولى بها منهم، وأحق. انتهى.
فتذكر هذا المعنى، واجتهد في تعليم زوجتك أمور دينها، وترقيها في درجات الصلاح والفلاح، وسل الله -تعالى- أن يعينك على ذلك، فإنه على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير.
والله أعلم.