السؤال
أنا مغترب، وأساعد أهلي، وإخوتي في مصروف البيت، والحياة، منذ: 10 سنوات، ومنذ سنتين تزوجت، وزادت مصاريفي، علما أن عملي جيد -والحمد لله- ولكنني لا أستطيع التوفير للزمن، بحكم مساعدتي لأهلي بشكل شهري، علما أن والدي يملك بعض العقارات... وبالإمكان بيعها، والاستفادة منها، وتشغيلها لتحصيل مصروفهم، ولكنهم يعتمدون بشكل كامل على المبلغ الذي أرسله، فما حكم إيقاف المصروف عنهم، لكي يستفيدوا من الأملاك التي بحوزتهم، ويعملوا فيها؟ وما حكم الاستمرار في الإنفاق عليهم دون طيب نفس؟ علما بأنني بار جدا بهم، ويدعون لي يومياً، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على البر بوالديك، وبشراك بالخير إن كانا يدعوان لك، فدعوة الوالدين مستجابة، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.
وإن كان والدك يملك من العقار وغيره ما يمكن أن يكون مصدرا للدخل، والإنفاق منه على نفسه، وعلى من تجب عليه نفقته، فهو موسر، فلا يجب عليك الإنفاق عليهم.
قال ابن قدامة في المغني: ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم، ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال، أو كسب يستغنون به، فلا نفقة لهم، لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة..... انتهى.
ولكن مهما أمكنك مساعدتهما بشيء من المال فافعل، وإن صعب عليك ذلك في بعض الأحيان فاعتذر لهم بلطف، فذلك كله من البر، ولعلك بذلك تكتسب رضا والديك وتجتنب سخطهما.
ومن شرط قبول النفقة، والإثابة عليها الإخلاص فيها، واحتساب الأجر من الله تعالى، ومن أنفق وهو كاره ربما لا يتحقق منه هذا الشرط، سواء في ذلك النفقة الواجبة، أو غير الواجبة، ثبت في صحيح مسلم عنأبي مسعود البدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة.
قال ابن حجر في فتح الباري: قوله يحتسبها - قال القرطبي: أفاد منطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة، سواء كانت واجبة، أو مباحة، وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر. انتهى.
فإذا أنفقت فخير لك أن تخلص، لتؤجر.
والله أعلم.