السؤال
أختي الكبرى قاطعة للرحم، وعندما توفي والدي لم تزرنا -لا هي ولا زوجها- للعزاء، وبعد سنين سافرت أنا وأهلي، وتواصلت معها ومع زوجها، لكي نصل الرحم، وأن نقدم لهم طلبا للسفر إلينا، وحصل ذلك، وهم الآن في نفس البلد، وبعد عام تقريباً عاودوا افتعال المشاكل، والخلافات، لأصغر الأسباب، بل قاطعونا، وقاطعوا جميع أعمامي، وعماتي هنا، وقاطعوا أخوالي وخالاتي، في بلدنا الأم، وقد قمت بمحاولات كثيرة لصلة الرحم معها عن طريق الواتساب، بإرسال أحاديث صحيحة عن صلة الرحم، وأخبرتها أنني لا أسامحها بحقي في صلة أولادها، وصلة رحمي بها، ولم أستفد شيئا، بل قامت بحظري من واتساب، وبعد فترة قصيرة ذهبت لزيارتها، رغم أنها غير مرحبة بي، وجلست عندها، وتحدثت معها، ومع زوجها، واعتذرت لهم، رغم أنني لم أخطئ أبداً في حقهم، ولكن لحل الخلاف، ومعاودة صلة الرحم، وقد أخبروني أنهم سعداء لقدومي، وفي اليوم التالي أرسلت لي رسالة أن لا آتي إليها مرة أخرى، وأن أتواصل معها فقط على الواتساب، وعندما أرسل لها لا تتجاوب معي، وأعطتني حظرا، وسمعت من أناس أعرفهم أنهم اجتمعو بها وسألوها هل لها أقارب هنا؟ فأنكرت وجود أهل هنا، وأنها وحيدة، وأنها أتت إلى هنا عن طريق الدولة، وليس لديها أهل، فهل يجب علي وصلها، رغم كل هذا الصد من طرفها، ورغم الأذى، والكلام الذي وصلنا على لسانها، ورغم أنها لا تريدنا في منزلها، وإلى حد الآن الحظر قائم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التدابر والقطيعة بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.
فإن كان ذلك بين عموم المسلمين فأحرى أن يكون بين الإخوة، فصلتهم واجبة، وقطعهم حرام، وصلة الرحم ليست محصورة في الزيارة، ولكنّها تحصل بكل ما يعد في العرف صلة، جاء في إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين: وصلة الرحم -أي القرابة- مأمور بها أيضا، وهي فعلك مع قريبك ما تعد به واصلا، وتكون بالمال، وقضاء الحوائج، والزيارة، والمكاتبة، والمراسلة بالسلام، ونحو ذلك. انتهى.
وإذا فرض أن بعض الأرحام كان مؤذيا؛ فصلته تكون بما فيه اجتناب أذاه، وراجع الفتوى: 425998.
وعليه؛ فاجتهد في صلة أختك بما تقدر عليه كالمراسلة من خلال برامج التواصل الإلكترونية ونحوها، وأبشر بالأجر العظيم على حرصك على صلة أختك رغم قطعها لك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ، وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ، وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. صحيح مسلم.
تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
وراجع الفتوى: 379528.
والله أعلم.