السؤال
في فتوى لكم عن حكم منع الابن من الخروج إذا لم يكن هناك ضرر في خروجه، قلتم: إن عدم طاعة الابن أباه في هذه الحالة لا يعد عقوقا، ويجوز له الخروج، ولكن في فتوى أخرى عن حكم منع الأب ابنته من الخروج للمباحات، قلتم: إنه إذا لم يسمح الأب للبنت بالخروج، ولو لم يكن هناك ضرر عليها، فإنها يجب أن تطيعه، بمعنى أن خروجها يعتبر عقوقا عكس الولد. أريد أن أعرف ما سبب هذا الاختلاف في الفتوى؟ أليس كلاهما أولاد الأب، وكلاهما تحت أمره، وتجب طاعته؟ أم الطاعة على الفتاة فقط؟
أرجو التوضيح.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم تذكري لنا أرقام الفتاوى التي ذكرت أن بينها اختلافًا، حتى يتسنى لنا النظر في ذلك.
وعلى كل حال؛ فالذي نفتي به هو أن طاعة الوالدين في المعروف؛ واجبة على الأولاد جميعهم ذكورهم وإناثهم. فإذا منع الوالد ولده من الخروج لغرض صحيح؛ فالواجب على الولد طاعته ما لم يكن عليه ضرر.
أمّا إذا منعه الوالد لغير غرض صحيح، وكان للولد حاجة في الخروج، فليس له منعه، وليس هذا مختصا بالذكر، ولكنه يشمل الأنثى، كما سبق في كثير من الفتاوى السابقة، وراجعي على سبيل المثال الفتاوى التالية: 219835، 229912، 349360، 321418، 338014
لكن لابد من التنبه إلى أمرين بخصوص هذه المسألة:
الأول: أنّ حاجة الرجل للخروج من البيت، ليست كحاجة المرأة؛ فالرجل مطلوب منه الضرب في الأرض، والسعي للكسب، والجهاد، ونحوه، بخلاف المرأة.
الثاني: أنّ الخوف على المرأة في الخروج، ليس كالخوف على الرجل؛ فلا ريب في اختلاف الذكر عن الأنثى في طبيعته، وخلقته، قال تعالى: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى {آل عمران: 36}.
فكثيرا ما يكون منع الأنثى من الخروج، من أجل صونها، وحفظها، وهذا غرض صحيح، ومصلحة معتبرة توجب عليها طاعته في المنع. ولعل مراعاة مثل هذه الاعتبارات كان موجودا في الفتاوى التي أشرت إليها مما يوهم اختلافا فيها عند من لم يتفطن لذلك.
أمّا تجاهل الفرق بين الذكر، والأنثى، وطلب التسوية المطلقة بينهما؛ فهو مسلك منحرف مضاد للشرع، ومخالف للفطرة، وفيه ظلم للرجل والمرأة على حد السواء، وهو من زخرف القول الذي توحيه شياطين الإنس والجن غرورا؛ ليهدموا به الدين، والخلق، ويقطعوا الروابط الأسرية، وفي ذلك من الفساد ما لا يخفى على مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر.
وراجعي الفتوى: 196169
والله أعلم.