السؤال
كنت أقيم مع الوالدين في بيت العائلة، ولي شقة مستقلة، ولم يتم التوافق بين زوجتي ووالدتي، حيث إن والدتي -للأسف- قوية، وسليطة اللسان، ووالدي رجل طيب، وضعيف الشخصية جدا، وفي يوم من الأيام قامت والدتي بالاشتباك مع زوجتي، وقالت لي يجب عليك أن تتركها، وتطلقها، فأخذت زوجتي وسافرت بها إلى أهلها حتى تهدأ الأمور، وعند عودتي قامت والدتي وأخي الأصغر بكسر باب الشقة، وتفتيش محتوياتها، وقالت خذ متاعك، واترك البيت، ووالدي لم يستطع فعل شيء، فتركت البيت، وذهب والدي معي، وقمت باستئجار شقة أنا وعائلتي، وبعد فترة تواصلت مع أهلي، وقمت بزيارتهم تكريما للوالدين، وبعد فترة من الزمن مرض والدي بالزهايمر، ولم تقم والدتي بخدمته، وكانت تعامله هي وأخي معاملة سيئة جدا، مع العلم أنها بصحة جيدة، حتى توفاه الله، وبعد فترة من الوقت قامت بكتابة عقد شقة لأخي دون إخوته، وتفضيله علينا جميعا، مع أنه لا يعمل، الرجاء من فضيلتكم أن تبينوا لي كيف نتعامل معها، مع العلم أننا نكره أفعالها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال -كما ذكرت- فإنّ أمّك ظالمة؛ لكن ظلمها لا يُسقط حقها عليك؛ فحقّ الأمّ على ولدها عظيم، وقد أمر الله الولد بمصاحبة والديه بالمعروف وإن كانا مشركين، ويأمرانه بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15}.
وعقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
وحقّ الأمّ آكد من حقّ الأب؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
ومن أعظم أنواع البر بها؛ أن تجتهد في نصيحتها، وأمرها بالمعروف، ونهيها عن المنكر، وحثّها على التوبة النصوح، مع مراعاة الرفق والأدب معها، والحرص على الدعاء لها بالهداية.
والله أعلم.