السؤال
أعمل مترجمة وكثيراً ما أترجم لطلاب الدراسات العليا بعض البحوث والكتب، مؤخراً جاءني نص فلسفي قيل لي أول الأمر إنه ديني، ثم بعد أن باشرت بترجمته وجدت أن فيه الكثير من الكفر الذي علي أن أنقله إلى العربية، لم أستطع أن أفعل ذلك وأخبرت زبونتي بأني لا أشعر بالارتياح، فأخبرتني بأن هذا الموضوع سيفيدني لمحاججة من قد أصادف من ملاحدة ومن شابههم وقيل إن ناقل الكفر ليس بكافر، فترجمت الموضوع وتحايلت على النص بحيث كلما وردت كلمة تنكر وجود الله أختار كلمة تشير إلى أي من أولئك الذين يعبدون دونه، أريد المشورة أأترك هذا النوع من النصوص فرؤية الكفر أو القراءة عنه ثقيلة على نفسي، فكيف بي وأنا أكتبه بيدي، وأنا بصراحة لست مهتمة بمحاججة الملحدين وأظن أنني لست أهلاً لذلك، أرجو من الله أن تردوا علي سريعاً، فقد استخرت واستشرت لكني لا أزال في حيرة من أمري؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ترجمة الفلسفات الإلحادية يتعين تركها لأنها لا تتحقق منها مصلحة للطلاب إذ ليست علما يفيدهم، ولا تفيد في مجال اقتصادي عملي، وإنما يترتب عليها نشر الإلحاد والكفر وتأثر ضعفاء الإيمان بها كما حصل لبعض من درسوا الفلسفة اليونانية في العصور القديمة من المسلمين، ولذلك صرح العلماء بأن العلم كله نافع وتعلمه خير من جهله؛ إلا علم السحر وعلم الفلسفة الإلحادية، وقد ذكر النووي في المجموع أنه لا يجوز بيع كتب الكفر والفلسفة لأنه ليس فيها منفعة مباحة، وما قيل في تحريم بيعها ينبغي أن يقال في ترجمتها، ولا سيما إن كان من تترجم له غير متمرس في العلوم الشرعية، وأما الطالب الذي يدرسها ليرد على المقتنعين بها فإن تعلمها يجوز له كما عمل العلماء قديما مثل ابن تيمية، وعليه فتجوز ترجمتها له، لكن يشترط للجواز هنا أمران:
الأول: أن يكون محصنا علميا من أن يتأثر بهذه الدعوات.
الثاني: أن يكون ممن وهبهم الله من الذكاء ما يجعلهم قادرين على مقارعة أهل الأهواء ودحض شبههم، وراجعي الفتوى رقم: 45316، في موضوع نقل الكفر، وراجعي الفتوى رقم: 15514.
والله أعلم.