السؤال
أولاً أشكركم على الجهود التي تبذلونها، أريد رأيكم السليم في المسألة الوالدة أطال الله عمرها، أقسمت بأن لا تحضر عرس ابنها إذا تزوج الفتاة التي اختارها بنفسه، وذلك لأنه كلمها قبل الخطبة أو الزواج وهناك سبب آخر وهو أنها لا تحمل الجنسية، نحن طلبنا منها أن تكفر وهي أصرت على أمرها وقالت إنها أقسمت كثيراً وتخاف على ذلك، فهل لو كفرت عن ذلك أو لأنها أقسمت كثيراً لا يجوز، وهل يجوز للأم أن تقسم حتى لا تفعل هذا الشيء لتكون حجة أتمنى أن تفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه كان الأولى لوالدتك ألا تلجأ إلى اليمين ولا إلى تكريره لأن ذلك إما أن يؤدي إلى الحنث أو إلى القطيعة، وقد كانت في غنى عن ذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، قال القرطبي: أي بالبدار إلى ما لزمكم من الكفارة إذا حنثتم، وقيل بترك الحلف فإنكم إذا لم تحلفوا لم تتوجه إليكم هذه التكليفات.
أما بعدما حلفت فإن الأفضل أن تكفر عن يمينها كفارة واحدة ما دامت لم تحلف إلا على شيء واحد وهو عدم حضور عرس ابنها ولو كررت الأيمان، وكفارة اليمين مفصلة في الفتوى رقم: 2053.
وقد روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله.
قال القرطبي: اللجاج في اليمين هو المضي على مقتضاه أي الأصرار على عدم الحنث في اليمين، قال وإن لزم من ذلك حرج أو مشقة أو ترك ما فيه منفعة عاجلة أو آجلة فالأولى له تحنيث نفسه وفعل الكفارة ولا يعتد باليمين بدليل قوله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه. رواه مسلم.
ولا ينبغي لوالدتك أن تعارض في زواج ابنها بهذه الفتاة بحجة أنها لا تحمل الجنسية، فإن ذلك غير قادح فيها ما دامت مرضية الدين والخلق والعفاف وغير ذلك، لاسيما والشاب المذكور يرضاها ويريدها هذا مع أن الابن يجب عليه في حال ما إذا أصرت والدته على عدم زواجه بهذه الفتاة أن يمتثل أمر والدته ويطيعها إذ قد يوجد غيرها، وطاعة الأم واجبة، والزواج بهذه الفتاة بعينها غير واجب.
والله أعلم.