السؤال
إمام قام إلى الركعة الخامسة فسبح به فلم يلتفت لقولهم، وظن أنه لم يسه، هل يقومون معه أم لا، إمام في صلاة العصر جلس في الركعة الثالثة، وظن أنها الركعة الرابعة، وسبح به ولم يلتفت إلى التسبيح ماذا يفعل المأمومون في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً، وجعلها في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكان من الواجب على الإمام المذكور الرجوع عن القيام لتلك الركعة الزائدة إذا كان ضمن المأمومين رجلان ذوا عدل يثق بهما، ومن غير الغالب أن تخلو جماعة المسجد من مثل هذين، ففي هذه الحالة لا يجوز للمأمومين متابعة الإمام في تلك الزيادة، وتجوز لهم مفارقته بحيث يسلمون وتصح صلاتهم، قال ابن قدامة في المغني: إذا سبح به اثنان يثق بقولهما لزمه قبوله والرجوع إليه سواء غلب على ظنه صوابهما أو خلافه. إلى أن قال: وإذا ثبت هذا فإذا سبح به المأمومون فلم يرجع في موضع يلزمه الرجوع بطلت صلاته، نص عليه أحمد، وليس للمأمومين اتباعه، فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك أو جاهلين.
فإن كانوا عالمين بطلت صلاتهم لأنهم تركوا الواجب، وقال القاضي: في هذا ثلاث روايات: إحداها: أنه لا يجوز لهم متابعته ولا يلزمهم انتظاره إن كان نسيانه في زيادة يأتي بها، وإن فارقوا وسلموا صحت صلاتهم وهذا اختيار الخلال، والثانية: يتابعونه في القيام استحسانا، والثالثة: لا يتابعون ولا يسلمون قبله لكن ينتظرونه ليسلم بهم وهو اختيار ابن حامد، والأول أولى لأن الإمام مخطئ فلا يجوز اتباعه على الخطأ.
الحال الثاني: أن يتبعوه جهلا بتحريم ذلك فإن صلاتهم صحيحة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين. انتهى.
وعليه، فالراجح أن المأمومين لا يتابعون الإمام المذكور في قيامه للخامسة وتجوز لهم مفارقته حيث يسلمون لأنفسهم وتصح صلاتهم، قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويسلم مأموم مفارق لإمامه بعد قيامه لزائدة وتنبيهه وإبائه الرجوع إذا أتم التشهد الأخير. انتهى.
ثم على الإمام في صلاة العصر المذكورة الرجوع إلى تنبيه المصلين إذا كان من بينهم ذوا عدل يثق بهما، فما دام لم يرجع فعلى المأمومين أن يتموا صلاتهم لأنفسهم، وتجوز لهم مفارقة الإمام بأن يأتوا بالركعة الباقية ويسلموا وصلاتهم صحيحة، وهذه مثل الحالة التي اختارها ابن قدامة في المغني، كما سبق ذلك في الجواب على سؤالك الأول.
والله أعلم.