السؤال
عمتي حلفت وقالت: علي مائة يمين ما أوصل أمي ولا أمشي في جنازتها وكذا وكذا...، وهي استغفرت الله وتابت وتريد أن تعرف ماذا تعمل؟
عمتي حلفت وقالت: علي مائة يمين ما أوصل أمي ولا أمشي في جنازتها وكذا وكذا...، وهي استغفرت الله وتابت وتريد أن تعرف ماذا تعمل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعلته عمتك خطأ من ناحيتين:
الأولى: أن الحلف بالكيفية التي فعلت فيه عدم تعظيم لليمين بالله، ولا شك أن ذلك لا يجوز، قال الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224]، وقال تعالى: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89].
والثانية: أنها حلفت على قطيعة أمها حية وميتة، وفي ذلك من الإثم ما لا يخفى.
وقد أحسنت إذ استغفرت الله مما فعلت وتابت منه، والذي عليها أن تفعله هو أن تترضى أمها بأي وجه مباح يمكنها وتطلب منها الصفح عازمة على أن لا تعود إلى مثل ما فعلته.
أما عما يلزمها فقد اختلف أهل العلم في مثل الصيغة التي حلفت بها عمتك هل هي يمين تكفر أم لا؟ فرأى المالكية والأحناف وبعض الحنابلة أنها يمين تكفر، وصرح المالكية بأن اللازم فيها من الكفارات هو بحسب عدد ما التزم الحالف من الأيمان، قال في بلغة السالك لأقرب المسالك: أو اشتمل لفظه على جمع للكفارة أو اليمين، نحو: إن كلمته فعلي كفارات أو فعلي أيمان.... فإذا كلمه لزمه أقل الجمع.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: ولو قال علي يمين وحنث لزمته كفارة، ولو قال علي يمينان لزمته كفارتان إذا حنث....
ويرى الحنابلة والشافعية أنها ليست يمينا، قال ابن قدامة في المغني: ولو قال علي يمين ونوى الخبر فهي كالتي قبلها، وإن نوى القسم، فقال أبو الخطاب هي يمين، وهو قول أصحاب الرأي، وقال الشافعي ليس بيمين لأنه لم يأت باسم الله تعالى المعظم، ولا صفته، فلم يكن يمينا كما لو قال حلفت، وهذا أصح إن شاء الله، فإن هذه ليست صيغة اليمين والقسم.....
وقال النووي في المجموع: فلو قال: فعلي يمين أو فلله علي يمين فوجهان. الصحيح أنه لغو وبه قطع الأكثرون لأنه لم يأت بنذر ولا صيغة يمين.
وعلى كل؛ فإن الذي نراه هنا أصوب هو الأخذ بقول الشافعية والحنابلة -وهو عدم انعقاد اليمين- وذلك لسببين الأول: أن هذا اللفظ خال من ذكر اسم لله أو صفة من صفاته، ولا تنعقد الأيمان التي ليست باسم من أسماء الله ولا بصفة من صفاته.
الثاني: أن في الزامها بالتكفير على مذهب المالكية ومن وافقهم ما يغلب على الظن أنه مشقة قصوى لأنها ستكفر مائة يمين، وكفارتها إطعام ألف مسكين أو كسوتهم أو تحرير مائة رقبة، فإن لم تستطع صامت ثلاثمائة يوم، والله جل وعلا قد قال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]، ومن كان عاجزا عن الإطعام والكسوة والعتق هنا -والعجز أمر متوقع- جدا فإن إلزامه بأن يصوم ثلاثمائة يوم أمر عسير.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني