السؤال
أنا في كرب شديد لا يعلمه إلا الله، ووصلت الأمور بيني وبين زوجي إلى الطلاق. وأنا متمسكة بزوجي، ولم أنقطع عن دعاء الله؛ ليزيل عني هذا الكرب، ولا يقع الطلاق، لكني وصلت لمرحلة تعبت فيها نفسيا من التفكير، وأود أن أستخير الله -تعالى- في أمري فيما إن كان الطلاق خيرا لي، فلييسره، وإن كان شرا، فليصرفني عنه، ويصرفه عني، لكني من أعماق قلبي لا أريد الطلاق. فهل هذا يتنافى مع الاستخارة؟ وهل الاستخارة تتطلب التسليم بأمر الله، والتوقف عن الدعاء، والإلحاح فيه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج كربك، ويشرح صدرك، ويهديك إلى أرشد أمرك.
واعلمي أنّ المرأة منهية عن سؤال الطلاق لغير مسوّغ، وأنّ الطلاق في الأصل مبغوض شرعا؛ فلا ينبغي أن يصار إليه، إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح.
وإذا استطاع الزوجان الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف -ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق- كان ذلك أولى من الفراق، وانظري الفتوى: 94320.
والاستخارة تكون في الأمور المباحة، ولا تشرع في المحرمات، أو المكروهات.
جاء في فتح الباري لابن حجر -رحمه الله-: والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما. انتهى.
فإن كنت تطلبين الطلاق لغير مسوّغ؛ فليس لك الاستخارة فيه، وأمّا إن كان لك مسوّغ في طلب الطلاق؛ فتجوز الاستخارة فيه، ولا يمنعك منها رغبتك في البقاء مع زوجك؛ ما لم تكن تلك الرغبة قوية؛ فلا تسوغ الاستخارة في هذه الحال.
جاء في شرح سنن أبي داود لابن رسلان:
إذا هَمَّ أحدكم بالأمر، أي: إذا خطر له خاطر بأمر من الأمور، وليس له فيه الرغبة القوية، يستخير الله -تعالى- فيه، فيتبين له بعد الاستخارة بتوفيق الله -تعالى- الأرجح. انتهى.
لكن الذي ينبغي للمستخير أن يفوض أمره لله، ويخرج من قلبه الميل لأحد الأمرين؛ ليكون صادقا في طلب الخيرة.
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: قال العلماء: وينبغي له أن يفرغ قلبه من جميع الخواطر، حتى لا يكون مائلا إلى أمر من الأمور. انتهى.
والواجب على العبد في كل حال أن يسلمّ لأمر الله -تعالى-، والمطلوب من المستخير أن يفوض أمره إلى الله، ويدعو أن يختار الله له ما فيه الخير حيثما كان.
والله أعلم.