الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يُفسخ البيع الصحيح عند تعذر سداد الثمن، إلا بالتراضي

السؤال

أعمل في مدينة، بينما يقيم أهلي في مدينة أخرى. اتصل بي أخي الأكبر وعرض عليّ شراء شقته الواقعة في الطابق الثاني من منزل أهلي، على أن أدفع له مبلغًا شهريًا، وكان هذا المبلغ يشكل 20% من راتبي (حيث كان راتبي 1000 دينار، وكنت أدفع له 200 دينار شهريًا).
اتفقنا على ذلك دون شروط أو عقود، ودفعت له مبلغًا مقدمًا.
نقلت زوجتي وأبنائي إلى الشقة الجديدة، بينما بقيت في مكان عملي، وواصلت دفع المبلغ المتفق عليه شهريًا.
بعد عام ونصف، تعرضت للتسريح من العمل، وعدت إلى مدينة أهلي بلا عمل، أو مصدر دخل؛ فتوقفت عن سداد المبلغ الشهري.
بحثت عن عمل، وسافرت إلى دولة أخرى، لكن لم أوفَّق، وأنفقت جميع مدخراتي.
وعندما حاولت السفر مجددًا، طلب مني الأهل البقاء؛ لأن إخوتي مسافرون، ويجب أن أبقى معهم.
أخي الأكبر، صاحب الشقة، رجل أعمال مرتاح ماديًا، ويمتلك عقارات وأراض، ويقطن في مدينة أخرى، ولا يرغب بالسكن فوق أهلي.
أنا الآن لا أملك شيئًا، وأخي يطالبني بالخروج من الشقة؛ لأنني توقفت عن السداد، في حين أن العمل المتاح حاليًا لا يوفر لي راتبًا يكفي لدفع نفس المبلغ الذي كنت أدفعه سابقًا، حيث لا يتجاوز راتب الأعمال المتاحة 250 دينارًا. وقد استمر وضعي هذا منذ أربع سنوات.
عرضت على أخي أن يصبر عليّ حتى تُحلَّ أزمتي وتتحسن الأحوال، وأن يتوقف عن ذكر موضوع الشقة، وتهديدي بالطرد، أو أن أخرج من البيت، ويعيد لي ما دفعته سابقًا.
لكنه قال لي أن أخرج من المنزل، وأنه ليس لي عنده شيء، ولا يحق لي المطالبة بالمبلغ؛ لأنني أسكن في الشقة منذ أن تركت العمل دون أن أدفع شيئا.
اتفقنا على الرضا بحكم الشرع.
فهل لي الحق بمطالبته بالمبلغ الذي دفعته له، أم يجب عليّ الخروج دون أن يعيد لي شيئًا قبل نهاية العام الحالي؟
وما الحكم الشرعي في هذه الحالة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمسائل الخصومات والمنازعات؛ لا تفيد فيها الفتوى، والذي يفصل فيها هو القضاء الشرعي، أو من يرتضيه أطراف النزاع للحكم بينهم ممن يصلح لذلك من أهل الخبرة؛ فيسمع منهم، ويتعرف على حقيقة ما حصل بينهم.

والذي بوسعنا أن نفيدك به على سبيل العموم ما يأتي:

إذا تمّ البيع صحيحا بغير شروط؛ انتقلت ملكية المبيع إلى المشتري سواء كان البيع عاجلا أو بالتقسيط، ولا يحقّ للبائع فسخ البيع بسبب عدم سداد المشتري بقية الثمن؛ إلا إذا رضي المشتري بالفسخ.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فالبيع والسلم والإجارة عقود لازمة، إذ إنها متى صحت لا يجوز فسخها ‌بغير ‌التقايل، ولو امتنع أحد العاقدين عن الوفاء بها أجبر. انتهى.

يجوز للبائع أن يشترط في عقد البيع فسخ العقد عند عدم سداد المشتري الثمن، أو بعضه.

وفي حال الفسخ بهذا الشرط، أو بالتراضي بين البائع والمشتري من غير شرط سابق؛ فإنّ المشتري يرد المبيع إلى البائع، ويرد البائع إلى المشتري ما قبضه من الثمن، ولا يجوز له أن يأخذ منه شيئا بحجة أنّ المشتري انتفع بالمبيع مدة.

قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: حيث صح البيع، ثم ‌استعمل ‌المشتري المبيع، أو أجره، وأخذ أجرته، أو أخذ صوفه، أو لبنه، أو غير ذلك، من زوائده المنفصلة؛ فاز بجميع ذلك.

ولا شيء عليه في مقابلته؛ لأنه لما صح البيع؛ مَلَكَ المبيع، فيملك زوائده.

فإن أخذ منه زوائده، ثم فسخ البيع بإقالة، أو عيب، أو غيرهما، لم يرجع عليه البائع بشيء. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني