السؤال
عندي أخ يبلغ من العمر 37 سنة، وغير متزوج، ولا يعمل، ويسكن في بيتنا، وكان يعمل فترة قصيرة، ويترك عمله، وكان غير ملتزم إلى أن أدمن المخدرات، وطُرد من عمله، وهو سيئ الخلق، وعندما كان يعمل، كان لا يعطينا ريالا، ويصرف راتبه على نفسه في المنكرات التي رأيناها بأعيننا، وكان يعملها في المنزل بعلم أبي وأمي، وعدم إنكارهم عليه خوفا منه، وتفضيله عليَّ أنا وأخواتي البنات.
مع العلم بأنني وأخواتي البنات نتقاسم إيجار المنزل، وكل المصروفات، وعلاج الوالدين، وكذلك مصروف أخي، وإذا قصرنا يوما في مصروفه الشخصي يهدد بالقتل، ويتلفظ بالسوء، ويكسر الممتلكات في المنزل.
وهذا الأذى استمر لمدة عشر سنوات، منذ تقاعد الوالد عن العمل. وأخذ قرضا كبيرا قبل أن يُطرد من عمله من البنك، وقمت أنا بسداده خوفا على مستقبله، وكان يسرق منا، وأعطيناه فرصا كثيرة.
إلا أنه ذهب فترة للسكن بمفرده، ولم يسدد الإيجار فترة بسبب إهماله، وعدم أمانته، حتى دخل السجن بسبب الديون، وهو الآن في مرحلة العلاج من الإدمان، وسوف يخرج قريبا، وأمي تضغط عليَّ أنا وأخواتي بأن نسكنه معنا من جديد، ولكن نحن مازلنا نشك في سلوكه، ولا نعلم إذا كان تغير أم لا.
سؤالي: هل يجوز أن أرفض أن يسكن معنا -خوفا على نفسي، وأخواتي منه، وخوفا أن ينتكس، ويعود للإدمان، ويصبح أسوأ؟
مع العلم بأنه يتطاول على الوالدين، ويصفهم بصفات سيئة، ويهددهم، وأنا أخاف أن نرجع نعيش هذا الخوف من جديد؛ لأننا لا ننام في أمان في وجوده في المنزل، نخاف أن يُدخل علينا رجلا غريبا، أو يفعل الفاحشة -لا سمح الله-.
ونخاف منه على ابن اختي المنفصلة التي تسكن معنا، -وعمره 23 سنة- أن يجره في طريقه، أو يكون قدوة له.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوك على هذه الحال، فهو عاص لربه، ومفرط في حق خلقه، بل وفي حق والديه، وذوي رحمه، فهذه الأمور التي يقوم بها تعتبر من الموبقات من استعمال المخدرات، والعقوق وقطيعة الرحم.
وتراجع الفتاوى: 328864، 25001، 13912.
نسأل الله -عز وجل- لأخيكن التوبة والهداية، ونوصيكن بكثرة الدعاء له أن يصلح الله حاله؛ فإن ربنا سميع مجيب، وهو القائل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60}.
ويمكن مراجعة الفتوى: 119608، ففيها بيان آداب الدعاء، وأسباب إجابته.
وإن كنت أنت وأخواتك مستأجرات لهذا البيت، فلا حرج عليكن في الامتناع عن سكن أخيكن معكن، وخاصة إن كان على حال يخشى منه بسببها ضرر؛ لأن صاحب الملك له أن يتصرف في ملكه بما يشاء، والمستأجر مالك للمنفعة مقابل العوض الذي يدفعه.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع، وهو يبين علة جواز إجارة المستأجر العين المؤجرة لآخر: لأن المنفعة لما كانت مملوكة له، جاز له أن يستوفيها بنفسه ونائبه... انتهى.
ولا تجب طاعة الأم في أمرها بالسماح له بالسكن معكن في حال خشية الضرر، وليتلطف معها؛ لتتفهم ذلك وتقبله، وإن لم يخش منه ضرر، وكان في سكناه في البيت مصلحة للوالدين، أو أحدهما؛ فالظاهر وجوب الطاعة في هذه الحالة بناء على الضابط الذي ذكره العلماء في أمر طاعة الوالدين. وتراجع الفتوى: 76303.
وينبغي على كل حال عدم التعجل في اتخاذ قرار رفض سكناه معكن، خاصة وأن المرجو أن يخرج من هذا التأهيل صالحا تائبا من ماضيه، ونؤكد على ما ذكرناه سابقا من أهمية الدعاء له.
والله أعلم.