الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حضور البائع عقد الربا من الإعانة على الإثم

السؤال

ما حكم بيع الشقة عن طريق التمويل العقاري؟ مع العلم أن عقد البيع سوف يكون عقدًا ثلاثيًّا -بائع، ومشترٍ، وبنك ممول-، ومذكور في العقد أن المشتري سوف يدفع جزءًا من ثمن الشقة، والبنك ممول للجزء المتبقي من ثمن الشقة للمشتري، بفائدة قدرها 8%، فهل بائع الشقة في هذه الحالة عليه إثم الربا، أو يعدّ شاهدًا على الربا، أو يعدّ مرابيًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتمويل العقاري بالصيغة المذكورة في السؤال عقد ربوي محرّم، وانظر الفتوى: 141089.

والعقد الذي ذكره السائل سيكون ثلاثيَّ الأطراف، ومن ثم؛ سيحضر البائع عقد الربا بين البنك والمشتري، ويشارك في إتمامه، ويعين عليه، وإن لم يفعل ذلك؛ فلن يحصل هذا العقد المحرم.

وإذا كان الحال كذلك؛ فلا يجوز له فعل ذلك؛ ليس لكونه شاهدًا على عقد الربا، وإنما لما في فعله من الإعانة على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.

وهذه هي علّة مشاركة الكاتب والشاهد في لعن آكل الربا ومؤكله؛ لما في فعل الكاتب والشاهد من إعانة على إثم الربا؛ ولذلك لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.

قال النووي في شرحه: فيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.

وقال الصنعاني في (التنوير): (وكاتبه، وشاهده)؛ لأنهما رضيا به، وأعانا عليه. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا أعان الرجل على معصية الله، كان آثمًا؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء -كالعاصر، والحامل، والساقي-، إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.

وانظر للفائدة الفتوى: 203821.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني