الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اقترض من أجل الزواج واكتشف أنه ربوي، وهل لذلك أثر في عدم إجابة الدعاء

السؤال

أنا موظف حكومي أبلغ من العمر 31 سنة، وأنفق على أسرتي -والديّ، وأخ أصغر مني، وابن أخ أمّه متوفاة، بالإضافة إلى زوجة أبي الأخرى، وأطفالها الثلاثة-، فخطبت، وطالت خطبتي ثلاث سنين، واضطررت لأخذ قرض من البنك؛ لأن النفقة كثيرة عليّ، ولا أستطيع أن أتزوج في أسرع وقت، وما أسهل الحرام في بلادنا، فبيوت الدعارة تملأ العاصمة، فخفتُ على نفسي أن أقع في الزنى، وتسديد القرض على مدى خمس سنوات، واكتشفت أن القرض ربوي، وليس لديّ أي مصدر آخر حتى أتخلّص منه، وأعاني من عدم استجابة دعوتي، وأنا شاب ملتزم، وأحب الصلاة في المسجد، وكل يوم أحد أجتمع مع أصدقائي لنتلو القرآن ونختمه، وأخاف من غضب الله عليّ، وأخاف أن أحرم استجابة الدعوات، والله كان يستجيب دعائي من قبل، لكنّ كل أموري تعقّدت الآن، فماذا أفعل لكي أتخلّص من هذه الورطة؟ فأنا يهمني رضى ربي عليّ.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاقتراض بالربا من أجل الزواج، لا يجوز، كما بيناه في الفتوى: 10959.

ومن اقترض قرضًا ربويًّا؛ فالواجب عليه التوبة النصوح بالندم، والاستغفار، والعزم على عدم العودة إليه؛ وللمزيد راجع الفتوى: 10959.

ويفهم من سؤالك أنك أقدمت على القرض وأنت تجهل كونه ربويًّا:

فإذا كان كذلك؛ فنرجو ألا يكون عليك حرج.

ولا يلزمك تعجيل سداد القرض، إن كان ذلك لا يُسقط عنك فوائده الربوية.

وحتى لو كان تعجيله يسقطها، وأنت غير قادر عليه؛ فسدّد بقدر استطاعتك فحسب.

وأما عدم إجابة الدعاء، وتعقّد الأمور، فجميل بالإنسان إذا رأى تغيّرًا في حاله، أو تعسرًا في أموره، أن يبحث عن أسباب ذلك، فإن لم تكن ثمة أسباب ظاهرة لتعسر الأمور لديك، فلعل ذلك يرجع إلى أمور كثيرة، منها: فقد شرط من شروط الإجابة، أو وجود مانع يمنع منها، ولمعرفة شروط وموانع إجابة الدعاء، راجع الفتاوى: 11571، 362866، 152695.

ومنها: أن الله قد يؤخّر الإجابة لما في سابق علمه من أن الخير في عدم تحقيق ما يطلبه الداعي، والدعاء لا يضيع أبدًا؛ ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مسلم يدعو الله بدعوة، ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجّل له دعوته، وإما أن يدّخر له من الخير مثلها، وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها، قالوا: يا رسول الله، إذن نكثر، قال: الله أكثر.

وعمومًا هذا حال الدنيا يبتلى الإنسان فيها بالعسر واليسر، والشدة والرخاء؛ فنوصيك بالصبر، وتجديد التوبة، والمداومة على أعمال الخير، والالتجاء إلى الله تعالى؛ فربنا كريم، لا يخيب من رجاه، ولا يردّ من دعاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني