الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة المُرائي بين القبول والرد

السؤال

مَن راءى في فترة من حياته، فهل يلزمه قضاء تلك الصلوات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الرياء صفة مذمومة شرعًا، فيتعيّن على المسلم الإخلاص في أعماله لله تعالى، والبُعد عن الرياء، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ [الماعون: 4-6]، وقوله: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110]،

ولم تذكر لنا حقيقة الرياء الذي تقصده؛ فإن الرياء في الصلاة له حالات، بعضها لا تبطل به الصلاة، والبعض الآخر فيه خلاف بين أهل العلم.

يقول الرحيباني في مطالب أولي النهى مفصلًا هذه المسألة: (قال الحافظ زين الدين بن رجب): الرياء المحض، لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض صلاة وصوم، وقد يصدر في نحو صدقة وحج، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط.

وتارة تكون العبادة لله، ويشاركها الرياء، (فإن شارك الرياء العمل من أصله؛ فالنصوص الصحيحة) تدلّ على (بطلانه)، وإن كان فيه خلاف لبعض المتأخرين، (وإن كان أصل العمل لله، ثم) بعد الشروع فيه (طرأ عليه خاطر الرياء، ودفعه، لم يضرّ) في عبادته، ويتمّها صحيحة (بلا خلاف) بين العلماء في ذلك، (وإن استرسل) خاطر الرياء (معه فـ) هل يحبط به عمله أو لا يضرّه، في ذلك (خلاف) بين السلف، حكاه ابن جرير، (ورجّح) الإمام (أحمد: أن عمله لا يبطل بذلك) لبناء عبادته على أصل صحيح؛ فلا يقدح فيه طروء ذلك الخاطر عليه، (وذكر غيره) أي: غير الإمام أحمد: (لا إثم في) عمل (مشوب برياء، إذا غلب قصد الطاعة) لأن الحسنات يذهبن السيئات، (وعكسه) بأن غلب عليه قصد الرياء: (يأثم) للأخبار الواردة بالنهي عنه، (فإن تساوى الباعثان؛ فلا) ثواب (له، ولا) إثم (عليه) لقوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102]. اهـ.

وللسائل تقليد القول بعدم بطلان الصلاة بالرياء، ولو كان قولًا مرجوحًا.

ومن ثم؛ فلا يلزمه قضاء ما فات من صلواته؛ فإن الفتوى بالقول المرجوح، والعمل به بعد وقوع الفعل، ومشقّة التدارك؛ مما سوّغه كثير من أهل العلم، وانظر المزيد في الفتوى: 125010.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني