الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ مالا من منظمة للنازحين مدعيا أنه يعيل عددا أكبر ممن يعيلهم

السؤال

نزحت من منطقة بسبب الحرب قبل أكثر من سنة ونصف، وظهرت منظمات تقدم دعمًا ماليًا للنازحين قبل شهرين. سجلت في إحدى هذه المنظمات وقلت: إنني أعيل 20 شخصًا، بينما في الحقيقة أنا أعيل 5 أشخاص فقط. ندمت على ذلك، وحمدت الله أنني لم أستلم منهم مالًا. ولكن يوم أمس، تفاجأت بوصول مبلغ كبير من المال إلى حسابي الشخصي، وأدركت أنه من تلك المنظمة، وليس لدي أي وسيلة لإرجاعه، وأنا في أشد الحاجة لهذا المال. فما العمل؟ وهل يعتبر هذا المال حرامًا؟ وكيف أتصرف فيه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه المنظمات أرسلت لك الأموال بناء على كونك تعيل عشرين شخصًا، ولولا ذلك لأرسلت أقل، أو لم ترسل شيئًا، فلا يجوز لك أخذه كله أو بعضه، بحسب شرط المنظمات في عدد من يعيلهم مستحق الإعانة.

قال ابن حجر الهيتمي في «تحفة المحتاج»: من أعطي لوصف يُظَن به كفقر، أو صلاح، أو نسب بأن توفرت القرائن أنه إنما أعطي بهذا القصد، أو صرح له المعطي بذلك، وهو باطنا بخلافه، حرم عليه الأخذ مطلقا، ومثله ما لو كان به وصف باطنًا لو اطلع عليه المعطي لم يعطه، ويجري ذلك في الهدية أيضًا على الأوجه، ومثلها سائر عقود التبرع فيما يظهر، كهبة، ووصية، ووقف، ونذر... وحيث حرم الأخذ لم يملك ما أخذه؛ لأن مالكه، لم يرض ببذله له. اهـ.

فلتستغفر الله تعالى، ولتتب إليه، وإن كنت تستطيع الرجوع للمنظمات، وإعلامها بحقيقة حالك، وسؤالها عن شرطها في هذه الأموال، فلتفعل ذلك، ويكون حكم المال بحسب جوابها.

وإن كنت لا تستطيع الرجوع إليها، فالذي نراه أن تأخذ ربع هذه الأموال، لأن العدد الذي تعيله بالفعل ربع العدد الذي ذكرتَه للمنظمات. وباقي المبلغ يدفع للمحتاجين من الفقراء والمساكين.

ويستثنى من ذلك ما إذا كان السائل أشد حاجة إليها من غيره، فيجوز له عندئذ أخذ ما يسد به شدة حاجته منها، لأن الغالب على عمل المنظمات الخيرية أنها تعين الناس الأحوج فالأحوج، فيكون كأنه نائب عنها.

قال الغزالي في الإحياء في المال الحرام: له أن يتصدق على نفسه وعياله إذا كان فقيرًا، أما عياله وأهله فلا يخفى، لأن الفقر لا ينتفي عنهم بكونهم من عياله وأهله، بل هم أولى من يتصدق عليهم، وأما هو: فله أن يأخذ منه قدر حاجته، لأنه أيضًا فقير، ولو تصدق به على فقير لجاز، وكذا إذا كان هو الفقير. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني