السؤال
أخي مريض، وهو بحكم القاصر، ومحجور عليه منذ عام 2011م، وأنا وصيٌّ عليه وصاية شرعية، ومنذ ذلك التاريخ، وأنا أنفق عليه من حرّ مالي، وكنت قد نويت في نفسي أن أستردّ ما أنفقته عليه إذا وصله ميراث من والدي -رحمه الله-.
الآن حصلتُ على ميراث لأخي من والدي، فهل يحق لي شرعًا استرداد ما أنفقته عليه؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه المسائل يُرجَع فيها للقاضي الشرعي، للاطلاع على حقيقة الحال وتفاصيله، والحكم بوجود ما يسوغ الرجوع بالنفقة، ولوجود الخلاف في تفاصيل المسألة.
والذي يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم لا في خصوص سؤاله: أن من أنفق على وصيِّه من ماله، فليس له أن يرجع بنفقته، إلا إن كان للوصي مال لا يقدر على الإنفاق منه، علم به المنفق، فأنفق بالمعروف، وأشهد على نية الرجوع به، أو حلف على ذلك.
جاء في التهذيب في اختصار المدونة لابن البراذعي: للوصي أن يسلف الأيتام، ويرجع عليهم إن كان لهم يوم السلف عرض أو عقار، ثم يبيع ويستوفي، وإن لم يكن لهم يوم السلف مال، فقال الوصي: أنا أسلفهم، فإن أفادوا مالاً رجعت عليهم، لم يكن له ذلك، والنفقة عليه حينئذ على وجه الحسبة، ولا يرجع عليهم بشيء، وإن أفاد اليتيم مالاً. اهـ.
وجاء في مختصر خليل: وعلى الصغير إن كان له مالٌ عَلِمَه المنفق وحلف أنه أنفق ليرجع. اهـ.
قال المجلسي في شرحه لوامع الدرر: من أنفق على صغير، يرجع بما أنفقه بثمانية شروط:
أحدها: أشار إليه بقوله: "إن كان له مال"؛ يعني أن من أنفق على صغير، إنما يرجع عليه حيث كان له، أي للصغير مال موجود حين الإنفاق، وإلا فلا يرجع بشيء. ثانيها: أشار إليه بقوله: "علمه المنفق"؛ يعني أن من أنفق على صغير، إنما يرجع عليه إذا كان يعلم بماله الموجود حين الإنفاق، وأما إن لم يعلم به، فإنه لا يرجع عليه.
ثالثها: أن يدّعي أنه أنفق ليرجع.
رابعها: أشار إليه بقوله: "وحلف أنه أنفق ليرجع"؛ يعني أنه لا بد في رجوع المنفق على الصغير من حلف المنفق أنه أنفق على هذا الصبي ليرجع بما أنفقه، فإن لم يدّع أنه أنفق ليرجع، أو ادَّعى ذلك ولم يحلف، فلا رجوع له، ومحل حلفه أنه أنفق ليرجع، حيث لم يكن أشهد أولا أنه أنفق ليرجع، وإلا فلا يمين عليه.
خامسها: أن يبقى مال الصغير إلى حين الرجوع، فإن تلف لم يرجع، ولو تجدد له غيره.
سادسها: أن لا يكون للصغير نقد يتيسر الإنفاق منه، بأن يكون عرضًا، أو نقدًا يعسر وصوله له، وإلا لم يرجع. ...
سابعها: أن تكون النفقة غير سرف، فإنما يرجع بالمعتاد بالنسبة للمنفق عليه؛ كما مرّ.
ثامنها: ألا يكون الصغير ربيبًا للمنفق، وإلا فلا رجوع له عليه؛ لأنه محمول على عدم الرجوع، وفي المعيار: الربيب كغيره مع الشروط. اهـ.
والله أعلم.