السؤال
لدي سؤال أرجو من سماحتكم شرحه لي، حيث إنني أفهم أنه سيكون يوم القيامة اغترام ما بين العباد، يأخذ الله بموجبه من حسنات الظالم للمظلوم، فأفهم من ذلك أنها كالديون يوفيها سبحانه وتعالى من عباده لعباده، فإن كان ذلك كذلك، فماذا عن الظالم الذي تاب في الدنيا فكفر الله عنه ذنوبه، كيف يكون وفاء ما للمظلومين من هذا العبد في ظلمه، هل تزيد حسناتهم، هل يوفون في الدنيا أم في الآخرة، أم ماذا يحدث؟ وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الظالم لنفسه أو للغير إذا تاب من الذنوب توبة نصوحاً مستوفية لشروطها تاب الله عليه وبدل سيئاته حسنات، كما قال تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الفرقان: 70].
ومن شروط صحة التوبة وقبولها رد المظالم وأداء حقوق الناس، فلا بد من رد حقوق الناس إليهم إذا لم يسامحوا بها أو يتنازلوا عنها، فإذا لم يؤديها العبد في هذه الدنيا، فإن الله تعالى العدل الحكم يأخذها لهم منه يوم القيامة من حسناته إذا كانت له حسنات، وبذلك تزيد حسناتهم وتنقص حسناته.
وإذا لم يكن له حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، وبذلك تنقص سيئاتهم وتزداد سيئاته، فيكون أقرب إلى الهلاك ويكونون أقرب إلى النجاة، فقد جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة.. ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
فحقوق العباد لا بد من أدائها، ولهذا قال أهل العلم حق الله تعالى مبني على المسامحة وحقوق العباد مبنية على المشاحة، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 4603.
والله أعلم.