السؤال
أنوي إطعام الفقراء، لكنني لا أملك المال الكافي للقيام بذلك بشكل مستمر. لذلك أفكر في توثيق ما أفعله، ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي؛ للحصول على دعم مالي يساعدني في الاستمرار.
لكنني أخشى أن يتحول الأمر إلى رياء. فهل إذا لم أظهر وجهي، وقمت بتعديل صوتي، يمكن أن يكون ذلك رياءً؟ وبماذا تنصحونني؟ هل أقوم بهذا العمل دون نشره، أم إن نشره قد يكون مفيدًا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن إخفاء الصدقات وأعمال البر أفضل من إظهارها، إلا إن كان في إظهارها مصلحة شرعية راجحة، وأمن صاحبها على نفسه الرياء، فالأفضل إظهارها، كمن يفعل ذلك للفت الانتباه لأعمال الخير والترغيب فيها، والاقتداء بصاحبها، كما قال تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة: 271].
قال ابن كثير في تفسيره: فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية. اهـ.
وعليه؛ فإن غلب على ظنك بأن تصويرك لما تقدمه للفقراء والمساكين سيجلب المزيد من الدعم، ويكثر عدد المستفيدين من الفقراء، فلا حرج عليك في ذلك، ولا يتحول الأمر بمجرد التصوير والنشر إلى رياء، ما دمت مريدًا بذلك وجه الله تعالى.
وأمّا ما ذكرت من إخفاء الصورة، وتعديل الصوت؛ فهو مما يعينك على تجنب الرياء، ولكنه ليس كافيًا إذا لم تكن النية صادقة، فاستعن بالله تعالى، وتعاهد نيتك باستمرار، وتجنب المحاذير الشرعية أثناء قيامك بهذا العمل، من تصوير للنساء، أو إظهار للمحتاجين بطريقة مهينة، أو على هيئة لا يرغبون بالظهور فيها.
أمّا إن غلب على ظنك أن الأمر قد يتحول إلى رياء وسمعة، فقم بهذا العمل بدون نشره، وساعد الفقراء بما تستطيع بنية خالصة، ويمكنك البحث عن الدعم بطرق أخرى لا يخشى من ورائها الرياء والسمعة؛ فهو من محبطات الأعمال، ففي الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه.
والله أعلم.