السؤال
دفعتُ عربونًا لشراء سلعة، على أن يكون آخر موعد لإتمام الشراء خلال أسبوعين. وخلال هذه الفترة، جاءني شخص يرغب في شراء سند العربون مني، بشرط أن أحقق ربحًا من خلال إضافة مبلغ متفق عليه، نظرًا لرغبته في الحصول على البضاعة، مع تراضي جميع الأطراف. فهل هذا الفعل جائز شرعًا؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بقولك بيع العربون: شراء سلعة، ودفع جزء من ثمنها مقدمًا على أنك إن أتيت بباقي الثمن خلال تلك المدة أخذتها ودفعت باقي الثمن، وإن لم تأت فيأخذ البائع العربون لنفسه؛ فهذا هو بيع العربون الذي اختلف الفقهاء في مشروعيته.
قال ابن قدامة في المغني: العربون في البيع هو: أن يشتري السلعة، فيدفع إلى البائع درهمًا أو غيره على أنه إن أخذ السلعة احتسب من الثمن، وإن لم يأخذها فذلك للبائع. اهـ.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى مشروعيته مستدلين بما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن زيد بن أسلم: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان فأحلَّهُ. ولما روي عن نافع بن عبد الحارث: أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية، فإن رضي عمر، وإلا فله كذا وكذا.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه رقم (72) المتعلق ببيع العربون:
1- المراد ببيع العربون بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع، على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلغ من الثمن. وإن تركها، فالمبلغ للبائع.
ويجري مجرى البيع الإجارة؛ لأنها بيع المنافع...
2- يجوز بيع العربون إذا قُيدّت فترة الانتظار بزمن محدود، ويحتسب العربون جزءاً من الثمن. انتهى.
لكن على القول بجوازه، فإنه لا يصح تداوله وبيعه. جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم (20) المتعلق ببيع السلع في الأسواق المنظمة: البديل الشرعي للاختيارات: إبرام العقــد على موجودات معينــة يجوز بيعها شــرعًا، مع دفع جزء مــن الثمن عربونًا، علــى أن يكون للمشــتري حق الفســخ خلال مدة معينة، نظير استحقاق البائع مبلغ العربون في حال اســتخدام المشــتري حق الفسخ. ولا يجوز تداول الحق الثابت بالعربون. اهـ.
وعليه؛ فلا يجوز لك بيع العربون لغيرك، فإما أن تمضي في العقد وتأخذ السلعة بالثمن المتفق عليه، ومن ثم تبيعها لغيرك إن شئت، أو تفسخ العقد ويكون للبائع ما دفعته مقدمًا من الثمن (العربون).
وأمّا لو كان المقصود ببيع العربون غير هذا -كحجز السلعة بمبلغ دون شرائها، ونحوه- فيرجى إيضاحه حتى نحكم عليه دون ذكر افتراضات، قد لا يكون لها وجود في الواقع، مما يشعب المسألة، ويطيل ذيلها.
والله أعلم.