الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثبوت أحاديث رفع اليدين في افتتاح الصلاة وعند الركوع والرفع منه

السؤال

أحاديثُ رفعِ اليدين كلُّها مضطربة، فقد ورد ذكر الرفع في صحيح مسلم من طريق وائل بن حجر. قال الإمام أحمد: لا أقول بحديث وائل، لكثرة ألفاظه (مضطرب)، والحديث المضطرب ضعيف. وقد ورد رفع اليدين أيضًا في حديث ابن عمر، الذي رواه البخاري من طريق عبد الأعلى. وذكر ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، عن الإسماعيلي، أن عبد الأعلى أخطأ في الحديث، فهو موقوف على ابن عمر، لا مرفوع. وقد تكرّر خطأ عبد الأعلى في هذا الحديث.
السؤال: ما صحة هذا الحديث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن أحاديث رفع اليدين في افتتاح الصلاة، وعند الركوع والرفع منه: ثابتة في الصحيحين وغيرهما، عن جمٍّ غفير من الصحابة، ومن أوجه عديدة لا شك في ثبوتها، بل ذكر بعض العلماء أنها من المتواتر، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه، ثم كبر، فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك، ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود.

وفي الصحيحين أيضًا عن أبي قلابة: أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ثم رفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه. وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل هكذا.

وجاء في الخلافيات للبيهقي: وقد سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ يقول: لا نعلم سنّة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة، ثم العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنّة.
قال البيهقي: وهو كما قال أستاذنا أبو عبد الله رضي الله عنه. اهـ.

وفي المحلى بالآثار لابن حزم: هذه آثار متظاهرة ‌متواترة عن ابن عمر، وأبي حميد، وأبي قتادة، ووائل بن حجر ومالك بن الحويرث، وأنس، وسواهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يوجب يقين العلم. اهـ.

وأما الكلام الذي نقلته في سؤالك، فلم نجده في كتب أهل العلم، وفيه تدليس قبيح.

فكلام الإمام أحمد، إنما هو عما ورد في رفع اليدين في غير المواطن الثلاثة -في افتتاح الصلاة، وعند الركوع، والرفع منه-.

جاء في التمهيد لابن عبد البر: قيل لأبي عبد الله -الإمام أحمد بن حنبل-: تذهب إلى رفع اليدين في القيام من اثنتين أيضًا؟
فقال: لا، أنا أذهب إلى حديث سالم عن أبيه، ولا أذهب إلى حديث وائل بن حجر؛ لأنه مختلف في ألفاظه؛ حديث عاصم بن كليب خلاف حديث عمرو بن مرة.

قال الأثرم: وسمعته غير مرة يسأل عن رفع اليدين عند الركوع، وإذا رفع رأسه، فقال: ومن يشك في ذلك؟ كان ابن عمر إذا رأى من لا يرفع حصبه. اهـ.

وكذلك ما ذكره ابن حجر في فتح الباري، إنما هو عند رفع اليدين عند القيام من الركعتين.

وثبوته مرفوعا محل خلاف بين المحدثين، فصحح رفعه جماعة كالإمام البخاري وأخرجه في صحيحه، بينما يرجح الإمام أحمد في المشهور عنه وقفه على ابن عمر -رضي الله عنهما-. وانظر الفتاوى: 51974، 284512، 129263.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني