السؤال
امرأة مسلمة تحافظ على أداء صلواتها في أوقاتها، مرت عليها فترة كانت كثيرة الشكوك في مدى صحة وضوئها، فما تلبث أن تتوضأ وتكبر للصلاة وإذ بها تنقطع عن صلاتها وتعاود الوضوء، تكرر وضوءها أكثر من مرة في كل صلاة، والآن زادت عليها الحالة، فتقول إنها بمجرد أن تكبر للصلاة لا تستطيع تلاوة سورة الفاتحة، وتشعر وكأن لسانها ثقيل، بل إنها تنسى آياتها، فلا تستطيع القراءة حتى ولو في سرها، ويحدث لها هذا دائماً بالركعة الأولى والثانية من صلوات الفرض فقط، أما صلوات النفل، فلا يحدث معها هذا إطلاقاً. فبم تنصحونها أفادكم الله، وبارك لكم ولنا بعلمكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المرأة قد ابتليت بالوسوسة التي استسلمت لها في أول الأمر، ثم زاد عليها بمرور الوقت كما ـ في السؤال ـ والظاهر من حالها أن شخصيتها قد تكون ضعيفة وليست واثقة من نفسها وتصرفاتها.
ومن كان كذلك؛ فهو مريض عليه البحث عن العلاج، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داءً إلا وضع له دواءً، غير داءٍ واحد: الهرم. أخرجه أحمد، وأصحاب السنن.
وقد يكون المرض نفسياً، فلا بأس بالذهاب إلى الطبيب أو الطبيبة المختصة بذلك، وربما كان من تسلط الشيطان ليفسد عليها وضوءها أو صلاتها، وقد بيَّنَ النبي -صلى الله عليه وسلم- الدواء الشافي حينما قال له عثمان بن أبي العاص: إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، فقال صلى الله عليه وسلم: ذلك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
فالشيطان قد يلبّس على المرء قراءته أو يحول بينه وبين الخشوع ويوسوس له، كما جاء في الحديث. أو يوسوس له في الطهارة فليستعذ بالله منه، ولا يعد الوضوء ما دام أنه على يقين من الوضوء.
وإننا ننصح هذه المرأة بالإكثار من تلاوة القرآن، وخاصة المعوذتين، وآية الكرسي، والفاتحة، وتلاوة سورة البقرة وآل عمران في البيت، فإن قراءة سورتي البقرة وآل عمران تطردان الشيطان من البيت قطعاً، وإذا لم تستطع ذلك بنفسها، فيمكنها الاستعانة بامرأة صالحة تقرأ لها، أو برجل من محارمها، أو باستخدام جهاز التسجيل بنية إخراج الشيطان.
كما ينبغي المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، فإنها تعصم المسلم من الشيطان، فلا بد منها، ولا ينفع علاج بدونها.
فإذا التزمت بأذكار الصباح والمساء، وكثرة ذكر الله، وتلاوة القرآن، وأكثرت التضرع والالتجاء لرب العالمين أن يصرف عنك الشيطان، وأن يتم عليك صلاتك وإيمانك، فلن يخيب رجاؤك -بإذن الله- أبداً، ولا تيأسي من رحمة الله ولطفه بك فإنه أرحم الراحمين: إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 100]، وربما كان ما يحدث لك بسبب بعض المعاصي أو المنكرات في البيت، فلا بد من التخلص منها، والتوبة، وكثرة الاستغفار.
ولا بأس بالاستعانة ببعض الأخوات المسلمات لتذكيرك بالله، وحضور الصلاة المفروضة في أحد المساجد في جماعة، وربما كانت الوحدة سبباً في الوسوسة أو تسلط الشيطان، وربما كان المرض لا يداوى إلا بالرقية الشرعية، فارق نفسك، أو اذهبي إلى من يرقيك بالقرآن والسنة فقط من أهل الصلاح، واحذري من السحرة والدجالين. ونسأل الله أن يعافيك ويشفيك.
والله أعلم.