الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للأمّ منع بناتها من زيارة بيت زوجة الأب غير المسلمة

السؤال

رجل يعيش في بلد كفر مع زوجته وأبنائه وبناته، وبسبب الفتن التي يتعرّض لها قرّر الزواج من ثانية، ولعدم قدرته على الإنفاق على بيتين قرّر أن يتزوج زواج مسيار، بحيث تسقط الزوجة الجديدة حقّها في المسكن والنفقة والمبيت إلى أن يخبر زوجته الأولى، ثم يقسم المبيت.
ورغم وجود أقلّية مسلمة، لكن كانت طلبات الزواج صعبة ولا تناسبه، وتعرف إلى امرأة ملحدة من أسرة بوذية، وحاول إقناعها بالإسلام، فرفضت، فحاول إقناعها بالنصرانية، فتقبلتها، وأعلنت تنصّرها في الكنيسة، وتزوّجها، وظلّ الزواج لمدة تزيد عن 3 سنوات دون علم الزوجة الأولى، رغم محاولاتها له خلال كل السنوات أن يكون صريحًا معها إذا كان متزوجًا عليها؛ لأنها تشعر بجفاء وقسوة وظلم منه لم تعهدها من قبل.
بعد معرفة الزوجة الأولى بالأمر، طلبت الطلاق لما وقع عليها من ظلم وأذى نفسي ومادي وجسدي خلال هذه السنوات، فأرجو فتوانا فيما يلي:
الزوجة ترفض بشكل قاطع زيارة بناتها الصغيرات لمسكن زوجة أبيهم؛ بحجة أنها غير مسلمة، وأنها لم تنشأ نصرانية متعلّمة لتعاليم النصرانية، ولا تأمن وجود بناتها في هذا البيت إطلاقًا، خاصة أنها ترى أن ما حدث كان تلاعبًا حتى يتم الزواج، وليس هذا هو الزواج من كتابية الذي أحلّه الله.
فهل هذا من حق الزوجة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز للمرأة منع بناتها من زيارة مسكن الزوجة الأخرى لأبيهنّ، إن كانت تخشى عليهنّ منها ضررًا وفسادًا، ولكن لا يجوز لها منعهنّ من زيارة أبيهنّ، إن أمنت عليهنّ المفسدة؛ لما في منعهنّ من الإعانة على قطيعة الرحم، ومجرد وجود هذه المرأة لا يسوّغ منعهنّ من الزيارة في حال كون الفتنة مأمونة بوجود الأب.

وتراجع الفتوى: 153391.

وبخصوص حكم زواج الرجل من الوثنية إذا انتقلت لدين أهل الكتاب، ففيه خلاف بين الفقهاء:

فذهب المالكية إلى جواز الزواج منها؛ اعتبارًا بالدِّين الذي انتقلت إليه.

قال النفراوي في الفواكه الدواني: كل من جاز لنا وطء إمائهم بالملك، يجوز لنا وطء حرائرهم بالنكاح، ولو يهودية تنصّرت، وبالعكس، وكذا المجوسية إذا تهوّدت أو تنصّرت، على المعتمد؛ لأنها تقرّ على ما انتقلت إليه. انتهى.

وذهب الشافعية إلى أنه لا يجوز الزواج منها إذا دخلت في دين أهل الكتاب بعد التبديل.

جاء في المجموع للنووي: ومن دخل في دِين اليهود والنصارى بعد التبديل، لا يجوز للمسلم أن ينكح حرائرهم، ولا أن يطأ إماءهم بملك اليمين؛ لأنهم دخلوا في دِين باطل، فهم كمن ارتد من المسلمين. انتهى.

ويفهم من كلام الحنابلة أنهم على ما ذهب إليه الشافعية من منع الزواج منها إذا دخلت بعد التبديل والتحريف.

فقد ذكر ابن قدامة في الكافي روايتين في حكم الزواج من السامرة، ونصارى بني تغلب حيث قال:.... إحداهما: إباحة نسائهم؛ لأنهنّ كتابيات؛ فيدخلن في عموم الآية. والثانية: تحريمهنّ؛ لأنه لا يعلم دخولهنّ في دينهم قبل تبديل كتابهم.

ولم نجد كلامًا للحنفية في هذه المسألة.

والحاصل هو: أن المسألة محلّ خلاف بين الفقهاء، فلا يصحّ الجزم ببطلان هذا الزواج، وقد ذهب إلى صحّته بعض الفقهاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني