الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ ما يرميه الناس رغبة عنه

السؤال

مرَّ والدي من أمام بيت مديره، فوجده يغيّر أثاث منزله، وقد ألقى ما لا يحتاجه أمام المنزل. فالتقط والدي وحدات إضاءة، أدركنا بعد سنين أنها باهظة الثمن جدًّا. فهل تُعَدُّ تلك الإضاءات في حكم اللُّقَطة، أم يجب الاستئذان من مالكها.
أنا بحاجةٍ إلى المال لشراء جهاز حاسوب للعمل عليه، ولا توجد أمامي أي طريقة سوى بيع تلك الوحدات، وأخشى أن أبدأ حياتي بمالٍ حرام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا لا يدخل في اللقطة؛ لأن مالكه غير مجهول.

ثم إنه ينبغي النظر في حال المدير، فإن كانت القرائن تدلّ على أنه ترك هذه الأدوات رغبةً عنها؛ فلا حرج في أخذها، وتملّكها واستعمالها، فقد قال ابن القيم في الطرق الحكمية: الشارع لم يلغ القرائن والأمارات ودلالات الأحوال، ‌بل ‌من ‌استقرأ ‌الشرع ‌في ‌مصادره ‌وموارده، ‌وجده ‌شاهدًا ‌لها بالاعتبار، مرتّبًا عليها الأحكام...

ثم ذكر أمثلة لما يعمل فيه بالقرائن، وقال: ومن ذلك: ‌أخذ ‌ما ‌ينبذه ‌الناس ‌رغبةً ‌عنه من الطعام، والخرق، والخزف، ونحوه. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: كل مباح مثل الحشيش، والحطب، والثمار المأخوذة من الجبال، وما ينبذه الناس رغبة عنه ... من سبق إلى شيء من هذا، فهو أحق به، ولا يحتاج إلى إذن الإمام، ولا إذن غيره؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أحق به. اهـ.

وقال أبو البركات ابن تيمية في المحرر: يملك بالأخذ ما ينبذه الناس رغبة عنه. اهـ.

وفي التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي -الشافعي-: وما يرميه الناس رغبة عنه، أو انتثر من الزروع والثمار، وتركوه رغبة عنه، فأخذ شيئًا منه ملكه. اهـ.

وبناء عليه؛ يجوز لكم بيعها إن شئتم، وليكن ذلك بإذن الوالد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني