الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قتل بط الجيران المتسبب بالضرر

السؤال

هل يجوز التخلص من البط المزعج جدًّا بالسم؟ للعلم أن الجيران يتاجرون بالبط بكميات كبيرة على سطح منزلهم، وهو مقابل لبلكونتي مباشرة. تحدّثتُ معهم بالمعروف كثيرًا، لكن لا فائدة. وقدّمتُ شكاوى عديدة للشرطة من غير جدوى. أنا لا أستطيع النوم من إزعاج البط ليلًا ونهارًا، فضلًا عن الروائح الكريهة والحشرات التي تدخل شقّتي بسبب القذارة المؤذية. والجيران يقولون: إنه لا أحد يستطيع أن يفعل لهم شيئًا، وهم أحرار.
صوت البط المزعج سبّب لي حالة عصبية ونفسية، وأنا لا أعرف ماذا أفعل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يفرّج كربك، ويعينك على ما تعانين منه، فحقّ الإنسان في الراحة والسكينة في بيته من الحقوق التي أقرّها الشرع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، رواه ابن ماجه.

وهذا الحديث أصلٌ عظيم في منع الأذى بين الناس، سواء أكان مادّيًا أم معنويًا. وانظري الفتويين: 74089، 436726.

وحيث إن البط ملك للغير، فلا يجوز قتله بالسم، أو بالذبح، أو بغير ذلك من الوسائل، فإنه تعدٍّ على أموال الغير، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء: 29]، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح. اهـ.

والذي يمكنك فعله شرعًا وواقعًا هو الاستمرار بتقديم الشكوى للجهات المختصة، لتنظر في الضرر الحاصل لكم من أصوات طيور الجار، أو الاستعانة بأهل الخير من الجيران وغيرهم، لنصحهم، وتذكيرهم بحق الجار الذي وصى الشارع بالإحسان إليه، ونهى عن أذاه، ونفى الإيمان عمن لا يأمنه جيرانه، فقد قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا [النساء: 36].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. رواه الشيخان عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم.
وفيهما أيضًا عن أبي هريرة يقول صلى الله عليه وسلم: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه. وفيهما أيضًا عنه قوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.

فبمثل هذا التذكير، وهذه الوسائل المشروعة، يمكنكِ دفع أذى هؤلاء الجيران، وأما قتل بطهم، ففيه فتح باب شر لا يجوز فتحه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني