السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الجليل: رجل في الستين من عمره يسأل: يقول إنه في شبابه لم يكن يصوم رمضان، وما يقرب كل رمضان 20 سنة، أما الآن وقد تاب لربه، قيل له في أحد المساجد هنا بفرنسا أنه من له دين الصيام لا يجوز له أن يصلي صلاة التراويح في رمضان وأنه غير مقبول!! فما حكم الدين في ذلك، وماذا يجب عليه أن يفعل اتجاه دينه حتى يقضيه، ولكم جزيل الشكر.... راجين من الله أن يكتب لكم أجوركم في كتاب حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن تعمد الفطر في رمضان من غير عذر شرعي كبيرة من كبائر الذنوب، والواجب على من وقع في ذلك عدة أمور:
الأول: التوبة إلى الله عز وجل توبة صادقة مستجمعة لشروطها المذكورة في الفتوى رقم: 4603، فمن تاب توبة صادقة فإن الله عز وجل يغفر له، كما قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}.
الثاني: وجوب قضاء ما أفطره من رمضانات ماضية، والإسراع في ذلك قدر المستطاع؛ فإن صوم رمضان واجب، فمن أفطر فيه لعذر أو غير عذر وجب عليه القضاء لأن الصوم قد استقر في ذمته فلا يسقط حتى يقضيه، ودين الله أحق أن يقضى، وعلى هذا فعليه قضاء 600 يوم أو تنقص إذا كان بعض الرمضانات التي أفطرها 29 يوماً.
الثالث: تأخير قضاء ما عليه من كل رمضان حتى دخول رمضان الذي يليه يوجب عليه كفارة عن كل يوم مع القضاء، عند جمهور أهل العلم إذا كان التأخير لغير عذر شرعي والكفارة ما يعادل 750 جرام من الأرز ونحوه، وأما إن كان تأخير القضاء لعذر كمرض أو نسيان أو جهل فلا كفارة عليه وعليه القضاء فقط.
الرابع: إذا وقع منه جماع في أحد الأيام التي أفطرها عمداً عالماً بالحكم فتلزمه كفارة كبرى عن كل يوم جامع فيه مع قضاء ذلك اليوم، وهذه الكفارة تلزمه ولو لم ينو صوم اليوم الذي جامع فيه لأنه يلزمه الإمساك، وكل من لزمه الإمساك وجامع فعليه الكفارة، وانظري الفتوى رقم: 1104 في بيان كفارة الجماع.
وأما إذا وقع منه الجماع نسياناً فلا كفارة عليه وكذلك إذا جامع جاهلاً بحرمة الجماع في نهار رمضان؛ وهذا أحد قولي الشافعي، واختاره الإمام النووي.
وإننا نسأل الله تعالى أن يقبل توبة هذا الرجل وأن يبدل سيئاته حسنات، وأما قول من قال: إنه لا تجوز صلاة التراويح لمن كان عليه قضاء فهذا قول باطل ننصح قائله بالتوبة إلى الله عز وجل من القول عليه بغير علم وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء:36}، فله أن يصلي التراويح بل يستحب له ذلك، ولا علاقة بين التراويح والقضاء.
والله أعلم.