السؤال
ما هي الحكمة من إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم الأمي في أمة أمية؟ مع الشكر والتقدير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحكم من إرسال النبي صلى الله عليه وسلم أمياً كثيرة منها ما أشارت إليه بعض الآيات القرآنية، قال الله تعالى: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ {العنكبوت:48}، فلو كان يكتب ويقرأ قبل أن يوحى إليه لشك الناس في أمره أو قالوا إنه تعلم هذه العلوم عن طريق القراءة والكتابة، ولكن هذه العلوم الوافرة والمعارف الزاخرة لا يستطيع عالم قارئ كاتب تحصيلها، وأحرى أمي لا يكتب ولا يقرأ.
فيعلم بذلك أنها وحي من الله تعالى، أوحي به إلى هذا النبي العظيم وهذا لا شك أبلغ في التحدي والإعجاز، ولهذا قال الله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ {يونس:38}، ومنها كذلك أن صفة النبي صلى الله عليه وسلم وردت في الكتب السابقة أنه أمي معلم من الله تعالى.... فكان أمياً ليعرفه أهل الكتاب الذين يعرفون صفاته الواردة في كتبهم كما قال جل وعلا: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {الأعراف:157}.
وأما إرساله صلى الله عليه وسلم في أمة أمية، فهؤلاء أسلم فطرة وأنقى سريرة... فإذا اقتنعوا بدعوته بذلوا لها النفس والنفيس والغالي والرخيص، وأما الأمم التي تلوثت فطرتها وتبلدت أذهانها وتشتت أفكارها بين الفلسفات الأرضية والكتب القديمة المحرفة فلا تصلح لحمل الدعوة العالمية الخاتمة الجديدة لما يعتبر بها من تشتت في الأفكار وثقل التحرك... يسبب موروثها القديم، بخلاف الأمة الأمية فإنها أرض خصبة لم تتلوث أفكارها بما تلوثت به الأمم الأخرى، ومع ذلك فهم ليسوا أميين كلهم بل فيهم الكتاب والقراء والأدباء والشعراء.... كما هو معلوم وإن كانت الغالبية العظمى منهم أمية، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11425.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني