الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقد المضاربة الصحيح يضمن لك حقوقك.

السؤال

أود أن أستفسر عن شركات المضاربة. هل بإمكاني وضع شروط جزائية عند الاتفاق في حالة إخلال الطرف الآخر بأي شرط متفق عليه، أو أي إهمال يسبب أضرارا، أو أي ادعاءات، أو أي نوع من الكذب يخبرني به فأقيم على أساسه حساباتي؟ وما حكم التعامل مع مكاتب الخدمات التي تقوم بإنهاء إجراءات معينة مقابل مبلغ مالي؟ مع العلم أن أغلبها يقدم رشاوى إلى الجهات المعنية بإتمام الإجراءات. وهل إذا تأكدت من أن شريكي يقدم رشاوى لإخراج البضاعة من الميناء أن أوقف تعاملي معه، حيث إنه لا يمكن أن تخرج بضاعتك، إلا بدفع مبلغ رشوة، وإلا تبقى البضاعة، وأحيانا ربما تصادر؟
أفتونا رحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمضاربة تقوم على أمرين أساسين أحدهما أن لكل من رب المال، والمضارب نسبة مشاعة من الربح حسبما يتفقان عليه، وليس لأحد منهما أن يشترط لنفسه قدراً معيناً من الربح.
والثاني عدم ضمان رأس مال المضاربة؛ لأنها شراكة بينهما. فرب المال مشارك بماله، والعامل مشارك بمجهوده، فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط. كما أن العامل يتحمل خسارة مجهوده.
وهذا فيما إذا لم يحصل من العامل تقصير، ولا تفريط، ولا إهمال، ولا إخلال بما اشترطه رب المال من أن لا يسافر بالمال مثلاً، أو أن لا يضارب، إلا في كذا، وفي مكان كذا.
وكذلك يشترط أن لا يحصل من العامل تضليل لرب المال، ولا إخباره بمعلومات غير صحيحة، سواء عن نفسه، وخبرته، أو عن المجال الذي سيضارب فيه.
فإن حصل شيء من ذلك من العامل ضمن لرب المال الضرر الذي لحقه جراء ذلك.
فإن لم يحصل منه تفريط، ولا تقصير، ولا إهمال، ولا إخلال بما اشترط، أو تضليل لرب المال، فلا ضمان عليه؛ لأنه شريك، كما تقدمت الإشارة إليه؛ ولأن التجارة مبناها على الربح، والخسارة.
وبهذا تعلم أنك في غنى عن وضع شرط جزائي في المضاربة، إذ حقك المشروع مضمون لك بموجب عقد المضاربة، وما سوى ذلك، فليس لك فيه حق المطالبة.
وكل ما ينبغي لك فعله أن تكون دقيقاً في صياغة العقد، وأن تكون بنوده واضحة محددة، غير محتملة لأكثر من تفسير.
أما التعامل مع المكاتب التي ذكرت، فلا حرج فيها، إذا لم يتوصل بذلك إلى أخذ حقوق الغير، أو إبطالها، أو نحو ذلك من المحرمات؛لأن هذا من باب الجعالة، وهي جائزة معروفة في الفقه الإسلامي.
أما ما يتعلق بالرشوة، فإن الذي يدفعه المرء للوصول إلى أمر معين لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يدفعه ليتوصل به إلى إبطال حق، أو إحقاق باطل، فهذا هو الرشوة المحرمة شرعاً تحريماً غليظاً.
والحالة الثانية: أن يدفعه ليتوصل به إلى حق له، أو ليدفع به عنه ضرراً، أو ظلماً، ليست له طريقة إلى الوصول إلى ذلك الحق، أو ذلك الضرر، أو الظلم إلا بذلك.
فهذا لا يعتبر رشوة بالنسبة للدافع، وإن كان رشوة بالنسبة للآخذ. وراجع الفتويين التاليتين: 1854 684
وعلى ذلك فإذا كان من تتعامل معهم يدفعون رشاوى محرمة، فأوقف تعاملك معهم، ولا تتعاون معهم على الإثم الذي يرتكبونه.
وإن كان الذي يدفعونه هو للوصول إلى حق مشروع، فلا حرج في التعامل معهم -إن شاء الله تعالى-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني