السؤال
قرأت فتوى في شبكة أون لاين عن حكم تخصيص يوم للاجتماع على قيام الليل أو الذكر
فأجاب المفتي بقوله : -( نقلت الفتوى بالنص )
ــــــــــــ
واسمه الشيخ فيصل مولوي:
الاجتماع على الذكر أمر مطلوب شرعاً والدليل عليه من الكتاب والسنة أكثر من أن يعد. والإمام النووي رحمه الله عقد فصلاً في (رياض الصالحين) بعنوان (فضل حلق الذكر). وذكر فيه أربعة أحاديث كلها من رواية البخاري ومسلم منها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله....إلى أن قال: أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة) رواه مسلم.
وهذا رد واضح على من يزعم أن الاجتماع على ذكر الله بدعة.
أما التجمع لصلاة القيام في غير رمضان فقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي رواية ابن مسعود قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه) متفق عليه. ومثل ذلك ما رواه حذيفة قال: (صليت مع النبي ذات ليلة فافتتح البقرة...) ثم وصف بقية صلاته. رواه مسلم. فكيف يقال: إنه بدعة؟
أما تحديد يوم للقيام فهو، وإن لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه يوافق سنته في التشجيع على قيام الليل، فلا يمكن اعتباره بدعة طالما أن له أصلاً في الدين، وقد أجازه جمهور العلماء، وما منعه إلا الحنفية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فما رأي فضيلتكم فيما نقل عن هذا الشيخ نرجو توضيح الإجابة وأن تكون شافية بالنسبة لي حتى أخبر شبكة أون لاين بهذا الأمر ؟
وشكرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الاجتماع على الذكر من الأمور المستحبة التي حث عليها الشرع الحكيم في أحاديث كثيرة ما لم يكن مشتملا على محظور شرعي كاتخاذها عادة دائمة. نقل ابن منصور عن الإمام أحمد قوله: ما أكرهه إذا اجتمعوا على غير وعد إلا أن يكثروا. قال ابن منصور: يعني يتخذوه عادة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الاجتماع على الذكر والدعاء حسن إذا لم تتخذ سنة راتبة ولا اقترن به منكر من بدعة. اهـ. فالممنوع إذن هو المداومة على الاجتماع بصفة معينة تتخذ راتبة لا أصل الاجتماع.
أما التجمع لصلاة القيام فحسن أيضا، للأدلة المذكورة في السؤال وغيرها، ولكن بغير أن تتخذ عادة وسنة راتبة أيضا، فإن مضاهاة غير المسنون بالمسنون بدعة، كما نص عليه أهل العلم، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليها في جماعة ولا أحد من أصحابه إلا في رمضان، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، لا سيما مع وجود الداعي وهو حرصهم على الخير وعدم المانع، وأيضا الأحاديث المذكورة أخص من محل النزاع، إذ ليس فيها أكثر من صلاة القيام جماعة دون مواعدة ومواظبة. قال ابن تيمية: فلو أن قوما اجتمعوا في بعض الليالي على صلاة التطوع من غير أن يتخذ ذلك عادة راتبة تشبه السنة الراتبة لم يكره، لكن اتخاذها عادة دائرة بدوران الأوقات مكروه، لما فيه من تغيير الشريعة وتشبيه غير المشروع بالمشروع. اهـ.
وأما قوله: فهو وإن لم يفعله رسول الله لكن يوافق سنة، ففيه نظر، إذ ليس في سنته تخصيص ليلة بعينها للقيام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم. والنبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على ما فيه خير لأمته، قال تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ {التوبة: 128} وقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ {المائدة: 3}
فيتعين على المسلم التثبت في العمل قبل الإتيان به، وتطبيق ذلك هو حقيقة الاتباع والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.