السؤال
إحدى زميلاتي في العمل أشعر أنها لا تحب أن تسلم علي وأحيانا تتحاشاني وذلك بسبب تصرف بدر مني ولم يعجبها مع العلم أني حاولت الاعتذار لها وبينت لها أني لم أكن أقصد, وذلك منذ سنة تقريبا وطيلة تلك الفترة أحاول إراضاءها لأنها أكبر مني في السن على الرغم من صدها لي، وأحاول جاهدة تنفيذ أمر الله بدفع السيئة بالحسنة وأذهب إليها لأسلم عليها حتى الآن ونحن في رمضان أشعر أنها تتحاشاني. فماذا علي أن فعل , وأنا لا أود أن أحرجها بكثرة محاولتي لأكون أفضل منها وكأن شيئا لم يكن, فهل علي شيء إن لم أسلم عليها دون تعمد و إن لم ألح عليها _ بطريقه غير مباشرة _ لإفهامها إن الموضوع انتهى ولا يستحق كل هذا . أم ماذا أفعل فنحن في رمضان وهي زميلتي كل يوم أراها تقريبا ولا أريد أخذ آثام وذنوب بسبب صدها لي ؟ صدقوني حاولت بكل ما يسعني كي لا أرد إساءتها بمثلها بل العكس أردها بإحسان وهي تعلم ذلك. أعتذر عن الإطالة و لكم الشكر .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت عندما اعتذرت إذ أخطأت، فهذا دليل الإنصاف، فإن الشيطان حريص على إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم. رواه مسلم. وما دمت قد اعتذرت لصديقتك، فقد أديت ما عليك، ففي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا، ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. وننصحك بأن تبذلي المستطاع من الأسباب لوصل ما انقطع بينك وبين صديقتك، ومن ذلك أن تسألي الله في دعائك أن يفتح بين قلبيكما بالحق، ومن ذلك أيضا أن تدخلي إحدى الأخوات الثقات الحريصات، فتصلح بينكما، فتذكرها بجزاء العافين عن الناس كقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {لشورى: 40}. وقوله: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ {لنور: 22}. وتحذرها كذلك من مغبة التقاطع والتهاجر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر في ذلك اليومين لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا. رواه أحمد وأبو دواد. فإن لم تجد معها محاولات الصلح فلا عليك، إذ لا يكلف الله نفساً إلى وسعها، وأما إلقاء السلام، فإنه سنة عند جمهور العلماء، لكن رده واجب بالإجماع، وراجعي الفتوى رقم: 22278.
والله أعلم.