السؤال
أنا طالب في المرحلة الثانوية قسم علوم طبيعية درست المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم ولم ألتحق بأي حلقة تحفيظ وكنت في كل سنة أحفظ شيئاً من كتاب الله ولكن أنسى ما حفظته إلا قليلاً وكذلك طوال أيام السنة حتى خرجت من مدرسة التحفيظ، ولكني الآن أراجع بمفردي وتمسكت بأربعة أجزاء من سورة البقرة إلى سورة النساء، وأنا لم أستطع أن أتعدى هذه الأجزاء لكثرة نسياني فأعود إلى مراجعتها من جديد ولي وأنا على ذلك سنة ونصف تقريباً، فهل سيكون القرآن يوم القيامة حجة لي أم علي، وماذا أفعل رحمكم الله، ملاحظة (أريد الإجابة على سؤالي مباشرة وليس بإجابات أسئلة أخرى، أرجو منكم الإجابة على مباشرة حسب ما أسأله في سؤالي وبتفصيل لحاجتي لذلك؟ مع شكري لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاشتغال بكتاب الله تعالى من أفضل الأعمال وأكثرها ثواباً عند الله تعالى، فأنت مأجور إن شاء الله تعالى على سعيك لحفظ كتاب الله تعالى مع عجزك عن إتمامه بسبب النسيان، فمشقة الحفظ وما يعانيه المسلم في سبيل ذلك يثاب عليه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران. متفق عليه، وهذا اللفظ لمسلم.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وأما الذي يتتعتع فيه فهو الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه فله أجران أجر القراءة وأجر بتتعتعه في تلاوته ومشقته. قال القاضي وغيره من العلماء: وليس معناه الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجراً لأنه مع السفرة وله أجور كثيرة، ولم يذكر هذه المنزلة لغيره، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه. انتهى
والقرآن حجة لمن اتبعه وعمل بما فيه، وحجة على من أعرض عنه ولم يعمل به، فقد قال صلى الله عليه وسلم: والقرآن حجة لك أو عليك. رواه مسلم.
قال المناوي في فيض القدير: والقرآن حجة لك يدلك على النجاة إن عملت به، أو عليك إن أعرضت عنه فيدل على سوء عاقبتك. قال القونوي: الحجة البرهان الشاهد بصحة الدعوى كمن آمن به أنه كلام الله ومنزل من عنده ومظهر لعلمه من حيث اشتماله على الترجمة عن أحوال الخلق من حيث تعينها لديه سبحانه، وترجمة عن صور شؤونه فيهم وعندهم وعن أحوال الخلق بعضهم من بعض ورد تأويل ما لم يطلع عليه من أسراره إلى ربه وإنفاذ ما تضمنته من الأوامر والنواهي، مع التأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه دون تردد أو ارتياب وارتباط وتسلط بتأويل متحكم بنتيجة نظره القاصر كان حجة وشاهداً له، ومن لم يكن كذلك كان حجة عليه. انتهى
وفي الختام ننصحك بالاهتمام بكتاب الله تعالى وبذل الجهد في سبيل حفظه كله أو ما أمكن منه، والعمل بما تضمنه بامتثال ما فيه من أوامر واجتناب ما فيه من نواه، وسيكون حجة لك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.