السؤال
هل يتحقق أجر إفطار الصائم ولو بتمرة في المسجد أم لا بد من إشباعه، وهل يجوز أن تقول للشخص الذي ستفطره في المسجد لا بد أن تفطر على هذه التمرات، وما صحة ما يعتقده بعض الناس من أن أجر الإفطار يكون على أول لقمة أكلها الصائم وما الحكم إذا اشتجر ناس على الأذان فمن يقدم، وهل يجوز الإيثار فيه ويتحصل لك أجر الأذان ولو لم تؤذن؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن فطر صائماً ولو على شربة ماء، فله مثل أجره، ومن أشبعه سقاه الله تعالى من حوض نبيه، فعن سلمان الفارسي: من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء: قلنا: يا رسول الله، ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء، ومن أشبع صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه البيهقي وابن خزيمة في صحيحه، وأبو الشيخ وابن حبان في الثواب باختصار عنهما.
وفي رواية لأبي الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطر صائماً في شهر رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها وصافحه جبريل ليلة القدر، ومن صافحه جبريل عليه السلام يرق قلبه وتكثر دموعه. قال: فقلت: يا رسول الله، من لم يكن عنده؟ قال: فقبضة من طعام. قلت: أفرأيت إن لم يكن عنده؟ قال: فشربة من ماء.
وإذا أراد الشخص الحصول على أجر تفطير الصائم فلا بد أن يكون أول ما يتناوله الصائم من طعامه أو شرابه حتى يصدق عليه أنه فطره، وهذا بين واضح.
وإذا تشاح أناس على الأذان، ولم يكن مؤذن راتب، فيقدم من توفرت فيه الخصال المعتبرة في التأذين. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وإذا تشاح نفسان في الأذان قدم أحدهما في الخصال المعتبرة في التأذين، فيقدم من كان أعلى صوتاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد: ألقه على بلال، فإنه أندى صوتاً منك.
وقدم أبا محذورة لصوته، وكذلك يقدم من كان أبلغ في معرفة الوقت، وأشد محافظة عليه، ومن يرتضيه الجيران، لأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ومن هو أعف النظر، فإن تساويا من جميع الجهات أقرع بينهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. متفق عليه، ولما تشاح الناس في الأذان يوم القادسية أقرع بينهم سعد. انتهى.
وأما الإيثار بالأذان فمكروه، لأنه قربة والإيثار فيها مكروه عند بعض أهل العلم. قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب. قال تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ {الحشر:9}، قال الشيخ عز الدين: لا إيثار في القربات، فلا إيثار بماء الطهارة، ولا بستر العورة ولا بالصف الأول، لأن الغرض بالعبادات: التعظيم والإجلال، فمن آثر به، فقد ترك إجلال الإله وتعظيمه. انتهى.
والله أعلم.