السؤال
سؤالي عن فئة من الإخوة المسلمين الذين يصلون الفروض والنوافل وملتزمين بالسنن الظاهرية، باللحية والثوب القصير وغيرها..ولكنهم في نفس الوقت يدعون الناس لبعض الأفكار الغريبة ومنها باختصار ..- تمجيد الرسول (ًصلى الله عليه وسلم ) وقولهم إنه يعلم الغيب حتى أنهم بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم يهللون ويقولون إن الرسول جالس معهم - الصلاة بشكل منفرد إلا إذا كان إمامهم ذو لحية كاملة، حتى إن كانو بالحرم المكي أو بالمدينة المنورة فإنهم يصلون وراء أئمة الحرم المكي والمدينة ولكنهم يعيدون الصلاة ثانية - ذهابهم إلى أهل القبور بحجة أن أهل القبور لديهم واسطة مباشرة مع الله عز وجل والملائكة - قولهم بأنه إن كان هناك شخص لاينتسب إلى الأئمة الأربعة فهو كافر ويقصدون بهذا الوهابيين وغيرهم، سيدي الفاضل أود أن أثبت لهولاء الفئة من الإخوة الباكستانيين أنهم على خطأ...أرجو منك الرد على رسالتي هذه بالحجج من القرآن الكريم والسنة الشريفة وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الأمر كما ذكرت فهؤلاء القوم ينتسبون إلى طرق بدعية غير مضبوطة بالشرع، وما ذكرته هو من الشطحات الشيطانية المخالفة لهدي السلف الصالح. أما ادعاؤهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب فهو من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله. رواه البخاري. فعلم الغيب مما استأثر الله به لنفسه قال تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ {النمل: 65}. وقال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ {الأنعام: 59}. وقال تعالى على لسان نبيه: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {لأعراف:188}. ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم جويريات يقلن وفينا نبي يعلم ما في غد، قال صلى الله عليه وسلم: دعي هذا وقولي بالذي كنت تقولين. رواه البخاري. قال ابن تيمية: دل الحديث على أنه لا يصح أن يعتقد الإنسان في نبي أو ولي أو إمام أو شهيد أنه يعلم الغيب. اهـ. أما قولهم إن النبي صلى الله عليه وسلم جالس معهم فقد سبق بيان استحالة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته، راجع الفتوى رقم: 55529.
أما الذهاب للقبور لدعاء أصحابها والاستغاثة بهم فهذا منكر عظيم، وهو أصل دين الكفار. قال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى {الزمر: 3}. وقال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ {يونس: 18}. والآيات في هذا المعنى كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار.. فهو كفر بإجماع المسلمين. اهـ. وقد نقل الإجماع صاحب الإقناع، والفروع، والإنصاف، وغاية المنتهي وغيرهم.
أما إعادتهم الصلوات التي يصلونها خلف أئمة أهل السنة العدول سواء في الحرمين أو غيرهما فهو مذهب الخوارج قديما وحديثاً، فالصلاة خلف أهل السنة المشهورين بالعدالة والاستقامة صحيحة باتفاق المسلمين. بل الصلاة خلف الفاسق والمبتدع الذي لم يكفر ببدعته صحيحة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 48361. أما تكفيرهم لمن يدعونهم بالوهابية فقد ورد الوعيد الشديد لمن كفر مسلما كما سبق بيانه في الفتوى: 4132، فضلا عن تكفير العلماء الذين أثنى عليهم العلماء المنصفون وانظر الفتوى: 5408.
فينبغي لك أن تبذل النصح لهؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة وأن تبين لهم ماهم عليه من ضلال وبعد عن الصراط المستقيم، فإن أصروا وجب عليك هجرهم حتى يتوبوا إلى الله.
والله أعلم.