الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فعل السيئات اتكالا على أنها تذهب بالحسنات

السؤال

مشكلتي هي التوبة من ذنب النظر إلى المحرمات من الصور والأفلام في التليفزيون والإنترنت والعودة إليها مرة أخرى وهكذا، مع العلم بأني من المحافظين على الصلاة والطاعات الأخرى،دائماً أعذر نفسي بأن الحسنات يذهبن السيئات، أفيدوني ولكم خالص الشكر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الواجب عليك التوبة من النظر إلى ما حرم الله النظر إليه من قبل أن يدهمك الموت فتندم حيث لا ينفع الندم، وإن كون الحسنات يذهبن السيئات لا يبرر العودة إلى فعل المعاصي بحجة فعل بعض الطاعات في مقابلها وأنت لا تدري هل قبلت منك تلك الحسنات أم لم تقبل، ثم إن فعلك الذنب قد يعرضك لعقوبة من الله لا تأمن أن تبغتك في أي ساعة في نفسك أو مالك أو أهلك، قال الله تعالى: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ {النحل:45-46-47}.

وقد يختم لك وأنت قائم على تلك المعصية ويمكر الله بك فلا يمكنك من التوبة، وقد ذكر العلماء أن الاسترسال في المعاصي من أسباب سوء الخاتمة، وقال الله تعالى: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:99}.

هذا ونحذرك بأن المداومة على الصغائر قد تزين فعل الكبائر ثم الوقوع في الشرك والعياذ بالله، قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}.

فتب إلى الله من فورك عازماً على عدم الرجوع لتلك المعاصي، واندم على ما فرطت في جنبه تعالى، ولا تستجب لشيطان يغريك بمعاص تذهب لذتها وتبقى حسرتها، وأسأل الله العفاف، وإن كنت قادراً على الزواج فافعل، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: با معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. وقال سبحانه: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {النور:33}.

وبعد هذا كله نقول لك أيها الأخ إن المسلم إذا وقع في الذنب فإنه مطالب بالتوبة منه وعليه أن يحذر من أن يوقع الشيطان في قلبه عدم الرغبة في التوبة بحجة أنه قد يواقع الذنب مرة أخرى فاحذر من هذا، واعلم أنه من تاب إلى الله توبة مكتملة الأركان بأن ندم على ما فات وأقلع عن الذنب في الحال وعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، إذا تاب هذه التوبة فإن الله يقبل التوبة عن عباده كما أخبر سبحانه عن نفسه، وإذا وقع العبد في الذنب ثانية فليتب ثانية وهكذا، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21807، 7007، 1256، 17998، 49074، 5646.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني