السؤال
لي جارة والدتها امرأة شديدة العداوة وتؤذي جيرانها بلسانها، ودائمة الإحراج لابنتها، مع العلم بأنها حاجة لبيت الله الحرام، ولكنها لا تؤدي صلواتها منتظمة ولا تعرف أن تتعامل مع الغير، وبخيله في حقها، وأيضا حق ابنتها مثلاً لا ترضى أبداً بأن تتصدق ابنتها على الجيران، السؤال هو: ابنتها دائماً في شجار معها وفي إحراجها مع الجيران وعدم أدائها للصلاة، مما يجعلها تدعو عليها، هل هناك إثم على ابنتها في زجرها ونهيها عن هذه الأعمال؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن بر الوالدين والإحسان إليهما من الحقوق الواجبة لهما على الأولاد لا فرق في ذلك بين أن يكونا طائعين لله تعالى أو عاصيين له، وانظري الفتوى رقم: 56766.
وعليه، فالواجب على هذه البنت بر أمها وحسن صحبتها بالمعروف، وأن تبذل جهداً في نصحها في أداء الواجبات وترك المحرمات، وليكن ذلك بخطاب طيب وأسلوب مؤدب مراعاة لمكانة الأم، فإن قبلت الأم ذلك منها فبها ونعمت، وإن أبت ألا التمادي في معصيتها فليس لهذه البنت إلا الدعاء لها بصلاح الحال والاستقامة على الدين، قال صاحب رد المحتار: إذا رأى منكراً من والديه يأمرهما مرة، فإن قبلا فبها، وإن كرها سكت عنهما، واشتغل بالدعاء والاستغفار لهما، فإن الله تعالى يكفيه ما أهمه من أمرهما. انتهى.
ومن هنا تعلم هذه البنت أن زجرها لأمها لا يجوز، وتجب عليها التوبة منه لأنه عقوق، كما يجب عليها أن تعلم كذلك أن الصدقة والهبة من مال أمها وهي غير راضية لا تجوز ولا تقبل؛ لأنه تعد على مال الغير بغير رضاه.
هذا وننصح هذه الأم بتقوى الله تعالى وبالمحافظة على أداء الصلوات في وقتها وأن تكف عن أذية جيرانها، وذلك لأن من أسباب دخول النار ترك الصلاة وأذية الجار، أما الصلاة فلقول الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، والغي هو واد في جهنم.
وأما أذية الجار فلما روى أحمد وحسنه الأرناؤوط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار.... الحديث. فإذا كان هذا في حق المصلية الصائمة فما بالك بمن لا تصلي.
والله أعلم.