السؤال
أنا فتاة مسلمة أعمل بمؤسسة حكومية وبالتحديد في قسم يعنى بالطفولة كما أنني أشارك بحكم عملي في لجنة تنظر في ملفات عائلات ترغب في التبني. حيث إنه مسموح به في بلدنا. وسؤالي هو هل مشاركتي في الموافقة على مطالب التبني حرام حيث إنه لا يمكنني الاعتراض على هذا العمل؟أرجو إفادتي مع الشكر و جزاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم حكم التبني في الإسلام في فتاوى عديدة منها الفتوى رقم 5036
وأن المقصود به إلحاق الرجل طفلاً مجهول النسب أو معلومه ونسبته إليه ،
وأما رعاية هذا الطفل والقيام بتربيته والإحسان إليه فلا حرج فيه، بل هو قربة من القربات، إذا روعي في ذلك كونه أجنبياً ليس ابنا ولا محرماً لزوجة الكافل وبناته.
وإليك نص فتوى الشيخ القرضاوي حول موضوع التبني باختصار وتفريقه بين التبني المحرم والتبني العرفي الجائز
قال "إذا كان الإسلام يُحرِّم التبني بمعنى: ضَمِّه إلى نَسَبِ الإنسان، وإعطائه النسب، وإعطائه حقوق البنوة؛ فإنه لا يُحرِّم التَّبَنِّي بالمعنى العُرْفِي، بمعنى الرعاية والاحتضان والكفالة والتربية والإنفاق، بل يَحُث على ذلك، ويَعتبِره من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى.
ثم قال: فاستلحاق مَنْ ليس ولدًا له بأي طريقٍِ مِنَ الطُّرق فهذا حرام كالتبني، بل هو التبني بعَينِه.
فقد قال ربنا: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ. {الأحزاب: 5} فهم يُصبحون إخواننا وموالينا، أما أن نَنْسِبهم إلينا فهذا لا يَجوز.
أما عن حكم معاملة هذا الطفل ، فإذا لم تكن هناك بُنُوَّةٌ من رضاعة فهو أجنبي، ليس مَحْرمًا، فلا بد أن تطبق عليه أحكام الاستئذان والدخول والخروج والنظر لا يَجوز أن يَرى من زوجته إلا ما يراه الأجنبي منها، ولا يَجوز أن يَختلِيَ بها إلا إذا كان هناك مَحرمية من رضاع. هذه كلها أمور يجب أن تكون معروفة.
وأنا أنصح الذين يَكفُلون أولادًا لا تُعرَف أنسابُهم في سِنِّ الرِّضاع: أن يُنشِئُوا لهم مَحرميَّة عن طريق الرضاعة، فالمرأة تُرضع الولد، أو أختها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها، بحيث تكون له محرمًا من الرضاع، فيجوز له أن يراها في ثيابها المعتادة في البيت، وأن يَختلي بها.
وإذا كان المكفول من هؤلاء بنتًا، فيمكن أن تُرضِعه أخت الرجل، أو ابنة أخته، أو ابنة أخيه، حتى تَنْشأ محرمية رضاعية بينَه وبين الطفلة، حتى تتيسر العشرة ويَسهُل التعامل بين الأسرة والمكفول. والله أعلم .انتهى كلامه
فإن كان التبني المقصود في السؤال هو التبني المحرم الذي سبق معناه وهو الظاهر من كلامك فلا يجوز الموافقة عليه وإقراره، ويعد العمل فيه من التعاون على الإثم والعدوان
أما إن كان بالمعنى العرفي الذي سبق معناه فيجوز بل هو من القربات، وإن استطعتم أن ترشدوا من يأتي لطلب التبني إلى التبني بالمعنى العرفي وإلى إيجاد محرمية بينه وبين المكفول عن طريق الرضاع ، وتنهوه عن التبني المحرم فنرجو أن تبرأ به ذمتكم .
والله أعلم .