السؤال
ما الحكم في حالة وفاة الأب وهو يقاطع ابنه؟ مع العلم أن الأب يسيء إلى هذا الابن بافتعال خلافات مع أصهاره مستخدما في ذلك الفضائح والألفاظ النابية ( مثل إنكار نسبه للأب - الإساءة لسمعة والدته- والتجريح في شرف أصهاره). أما الابن فهو دائما مطيع لأبيه وهو ذو سمعة جيدة بين الناس ويرى أنه إذا صالح الأب فسوف يتدخل في حياته الخاصة مع زوجته ويسبب له مشاكل متكررة مع أصهاره تنيجة لأنهم من قرية واحدة. كما أن الابن يحمل لأصهاره الجميل لأنهم احتملوا معاملة والده السيئة حتى من قبل زواج الابن من ابنتهم. إن الأب لم يمت ولكن أم الابن تخشى على ولدها من عذاب الله إذا مات الأب غاضبا عليه. والابن لم يحاول مصالحة الأب حتى الآن ( وكذلك الأب) وهل محاولة الابن للمصالحة تكفي حتى لو لم تأت بنتيجة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن حق الوالدين من أعظم الحقوق على أبنائهم، ودليل ذلك أن الله تعالى قرن بين توحيده وحق الآباء في الإحسان في مواضع كثيرة من القرآن الكريم؛ بل أمر بطاعتهما في المعروف وإن كانا كافرين فضلا عن أن يكونا مسلمين، وقد سبق ذكر أدلة ذلك وخطر عقوقهما وذلك في الفتوى رقم: 5327، والفتوى رقم: 7490.
وعليه.. فإنه لا يجوز لهذا الابن أن يقاطع أباه أو يعامله بغير الحسن حتى وإن كان هذا الأب سيئ الخلق، وذلك أن معاملته بغير البر تعتبر عقوقا وهو من أكبر الكبائر؛ لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر! قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.. .
ومن هنا نؤكد على هذا الابن إن كان وقع منه هذا الأمر أن يبادر إلى التوبة ويبر أباه، وليطلب بذلك رضا الله تعالى، روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. فإن بذل الابن جهده في البر ولم يجد تجاوبا من الأب لإنهاء المقاطعة فليس عليه إثم ما دام يكرر ذلك ويرغب فيه.
أما بخصوص تدخل هذا الأب في حياة ابنه بما يفسد علاقة الابن بزوجته فهذا يمكن معالجته بالصبر وإسكان الزوجة في مكان بعيد عن الأب. والخلاصة أن مجرد خشية الابن من تدخل والده فيما يسميه بحياته الخاصة لا يبرر له مقاطعته وعدم المصالحة معه.
والله أعلم.